بهذا ترجيح ثاني الاحتمالين المذكورين قبل وأن المخاصمة وقعت بين البائع وبين المشتريين ولم أقف على تسمية واحد منهم وأما تجويز بعض الشراح أن المتخاصمين هما المذكوران في الحديث الذي يليه ففيه بعد لتغاير القصتين وعرف بهذه الزيادة أصل القصة (قوله أين المتألي) بضم الميم وفتح المثناة والهمزة وتشديد اللام المكسورة أي الحالف المبالغ في اليمين مأخوذ من الالية بفتح الهمزة وكسر اللام وتشديد التحتانية وهي اليمين وفي رواية ابن حبان فقال آلى أن لا يصنع خيرا ثلاث مرات فبلغ ذلك صاحب التمر (قوله فله أي ذلك أحب) أي من الوضع أو الرفق وفي رواية بن حبان فقال إن شئت وضعت ما نقصوا وأن شئت من رأس المال فوضع ما نقصوا وهو يشعر بأن المراد بالوضع الحط من رأس المال وبالرفق الاقتصار عليه وترك الزيادة لا كما زعم بعض الشراح أنه يريد بالرفق الامهال وفي هذا الحديث الحض على الرفق بالغريم والاحسان إليه بالوضع عنه والزجر عن الحلف على ترك فعل الخير قال الداودي إنما كره ذلك لكونه حلف على ترك أمر عسى أن يكون قد قدر الله وقوعه وعن المهلب نحوه وتعقبه ابن التين بأنه لو كان كذلك لكره الحلف لمن حلف ليفعلن خيرا وليس كذلك بل الذي يظهر أنه كره له قطع نفسه عن فعل الخير قال ويشكل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم للاعرابي الذي قال والله لا أزيد على هذا ولا أنقص أفلح إن صدق ولم ينكر عليه حلفه على ترك الزيادة وهي من فعل الخير ويمكن الفرق بأنه في قصة الأعرابي كان في مقام الدعاء إلى الاسلام والاستمالة إلى الدخول فيه فكان يحرص على ترك تحريضهم على ما فيه نوع مشقة مهما أمكن بخلاف من تمكن في الاسلام فيحضه على الازدياد من نوافل الخير وفيه سرعة فهم الصحابة لمراد الشارع وطواعيتهم لما يشير به وحرصهم على فعل الخير وفيه الصفح عما يجري بين المتخاصمين من اللغط ورفع الصوت عند الحاكم وفيه جواز سؤال المدين الحطيطة من صاحب الدين خلافا لمن كرهه من المالكية واعتل بما فيه من تحمل المنة وقال القرطبي لعل من أطلق كراهته أراد أنه خلاف الأولى وفيه هبة المجهول كذا قال بن التين وفيه نظر لما قدمناه من رواية ابن حبان والله أعلم (قوله حدثنا يحيى بن بكير) تقدم حديث كعب بهذا الاسناد في أول الملازمة وتقدم شرح الحديث مستوفى في باب التقاضي والملازمة في المسجد من كتاب الصلاة وأفاد بن أبي شيبة في روايته أن الدين المذكور كان أوقيتين قال بن بطال هذا الحديث أصل لقول الناس خير الصلح على الشطر (قوله باب فضل الاصلاح بين الناس والعدل بينهم) أورد فيه حديث أبي هريرة تعدل بين الناس صدقة وهو طرف من حديث طويل يأتي في الجهاد ووقع هنا أول الاسناد حدثنا إسحاق غير منسوب في جميع الروايات إلا عن أبي ذر فقال إسحق بن منصور ووقع في الجهاد في موضعين أحدهما إسحاق بن نصر والآخر إسحاق غير منسوب وسياق إسحق بن نصر مغاير لسياق إسحاق الآخر فتعين أنه بن منصور والله أعلم وقوله سلامي بضم المهملة وتخفيف اللام مع القصر أي مفصل ووقع عند مسلم من حديث أبي ذر تفسيره بذلك وأن في الانسان ثلاثمائة وستين مفصلا قال بن المنير ترجم على الاصلاح والعدل ولم يورد في هذا الحديث الا العدل لكن لما خاطب الناس كلهم بالعدل وقد علم أن فيهم الحكام وغيرهم كان عدل الحاكم إذا حكم وعدل غيره إذا أصلح وقال غيره الاصلاح نوع من العدل فعطف العدل عليه
(٢٢٦)