عن المحتمل إذا احتمل وجوها لان سعدا لما منع من الوصية بجميع المال احتمل عنده المنع فيما دونه والجواز فاستفسر عما دون ذلك وفيه النظر في مصالح الورثة وأن خطاب الشارع للواحد يعم من كان بصفته من المكلفين لاطباق العلماء على الاحتجاج بحديث سعد هذا وأن كان الخطاب إنما وقع له بصيغة الافراد ولقد أبعد من قال أن ذلك يختص بسعد ومن كان في مثل حاله ممن يخلف وارثا ضعيفا أو كان ما يخلفه قليلا لان البنت من شأنها أن يطمع فيها وأن كانت بغير مال لم يرغب فيها وفيه أن من ترك مالا قليلا فالاختيار له ترك الوصية وابقاء المال للورثة واختلف السلف في ذلك القليل كما تقدم في أول الوصايا واستدل به التيمي لفضل الغني على الفقير وفيه نظر وفيه مراعاة العدل بين الورثة ومراعاة العدل في الوصية وفيه أن الثلث في حد الكثرة وقد اعتبره بعض الفقهاء في غير الوصية ويحتاج الاحتجاج به إلى ثبوت طلب الكثرة في الحكم المعين واستدل بقوله ولا يرثني الا ابنة لي من قال بالرد على ذوي الأرحام للحصر في قوله لا يرثني الا ابنة وتعقب بأن المراد من ذوي الفروض كما تقدم ومن قال بالرد لا يقول بظاهره لانهم يعطونها فرضها ثم يردون عليها الباقي وظاهر الحديث أنها ترث الجميع ابتداء (قوله باب الوصية بالثلث) أي جوازها أو مشروعيتها وقد سبق تقرير ذلك في الباب الذي قبله واستقر الاجماع على منع الوصية بأزيد من الثلث لكن اختلف فيمن كان له وارث وسيأتي تحريره في باب لا وصية لوارث وفيمن لم يكن له وارث خاص فمنعه الجمهور وجوزه الحنفية واسحق وشريك وأحمد في رواية وهو قول علي وابن مسعود واحتجوا بأن الوصية مطلقة بالآية فقيدتها السنة بمن له وارث فيبقى من لا وارث له على الاطلاق وقد تقدم في الباب الذي قبله توجيه لهم آخر واختلفوا أيضا هل يعتبر ثلث المال حال الوصية أو حال الموت على قولين وهما وجهان للشافعية أصحهما الثاني فقال بالأول مالك وأكثر العراقيين وهو قول النخعي وعمر بن عبد العزيز وقال بالثاني أبو حنيفة وأحمد والباقون وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجماعة من التابعين وتمسك الأولون بأن الوصية عقد والعقود تعتبر بأولها وبأنه لو نذر أن يتصدق بثلث ماله اعتبر ذلك حالة النذر اتفاقا وأجيب بأن الوصية ليست عقدا من كل جهة ولذلك لا تعتبر فيها الفورية ولا القبول وبالفرق بين النذر والوصية بأنها يصح الرجوع عنها والنذر يلزم وثمرة هذا الخلاف تظهر فيما لو حدث له مال بعد الوصية واختلفوا أيضا هل يحسب الثلث من جميع المال أو تنفذ بما علمه الموصي دون ما خفي عليه أو تجدد له ولم يعلم به وبالأول قال الجمهور وبالثاني قال مالك وحجة الجمهور أنه لا يشترط أن يستحضر تعداد مقدار المال حالة الوصية اتفاقا ولو كان عالما بجنسه فلو كان العلم به شرطا لما جاز ذلك فائدة أول من أوصى بالثلث في الاسلام البراء بن معرور بمهملات أوصى به للنبي صلى الله عليه وسلم وكان قد مات قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر فقبله النبي صلى الله عليه وسلم ورده على ورثته أخرجه الحاكم وابن المنذر من طريق يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن جده (قوله وقال الحسن) أي البصري (لا يجوز للذمي وصية الا بالثلث) قال ابن بطال أراد البخاري بهذا الرد على من قال كالحنفية بجواز الوصية بالزيادة على الثلث لمن لا وارث له قال ولذلك احتج بقوله تعالى وأن احكم بينهم بما أنزل الله والذي حكم به النبي صلى الله عليه وسلم من الثلث هو الحكم بما أنزل
(٢٧٦)