وكان أصحابنا ينهوننا ونحن غلمان عن الشهادة وقال أبو عمر بن عبد البر معناه عندهم النهي عن مبادرة الرجل بقوله أشهد بالله وعلي عهد الله لقد كان كذا ونحو ذلك وإنما كانوا يضربونهم على ذلك حتى لا يصير لهم به عادة فيحلفوا في كل ما يصلح وما لا يصلح (قلت) ويحتمل أن يكون الامر في الشهادة على ما قال ويحتمل أن يكون المراد النهي عن تعاطي الشهادات والتصدي لها لما في تحملها من الحرج ولا سيما عند أدائها لان الانسان معرض للنسيان والسهو ولا سيما وهم إذا ذاك غالبا لا يكتبون ويحتمل أن يكون المراد بالنهي عن العهد الدخول في الوصية لما يترتب على ذلك من المفاسد والوصية تسمى العهد قال الله تعالى لا ينال عهدي الظالمين وسيأتي مزيد بيان لهذا في كتاب الايمان والنذور إن شاء الله تعالى * (قوله باب ما قيل في شهادة الزور) أي من التغليظ والوعيد (قوله لقول الله عز وجل والذين لا يشهدون الزور) أشار إلى أن الآية سيقت في ذم متعاطي شهادة الزور وهو اختيار منه لاحد ما قيل في تفسيرها وقيل المراد بالزور هنا الشرك وقيل الغناء وقيل غير ذلك قال الطبري أصل الزور تحسين الشئ ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل لمن سمعه أنه بخلاف ما هو به قال وأولى الأقوال عندنا أن المراد به مدح من لا يشهد شيئا من الباطل والله أعلم (قوله وكتمان الشهادة) هو معطوف على شهادة الزور أي وما قيل في كتمان الشهادة بالحق من الوعيد (قوله لقوله تعالى ولا تكتموا الشهادة إلى قوله عليم) والمراد منها قوله فإنه آثم قلبه (قوله تلووا ألسنتكم بالشهادة هو تفسير ابن عباس أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله وان تلووا أو تعرضوا أي تلووا ألسنتكم بالشهادة أو تعرضوا عنها ومن طريق العوفي عن ابن عباس في هذه الآية قال تلوي لسانك بغير الحق وهي اللجلجة فلا تقيم الشهادة على وجهها والاعراض عنها الترك وعن مجاهد من طرق حاصلها أنه فسر اللي بالتحريف والاعراض بالترك وكأن المصنف أشار بنظم كتمان الشهادة مع شهادة الزور إلى هذا الأثر والى أن تحريم شهادة الزور لكونها سببا لابطال الحق فكتمان الشهادة أيضا سبب لابطال الحق وإلى الحديث الذي أخرجه أحمد وابن ماجة من حديث ابن مسعود مرفوعا أن بين يدي الساعة فذكر أشياء ثم قال وظهور شهادة الزور وكتمان شهادة الحق ثم ذكر المصنف حديثين أحدهما (قوله عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس) في رواية محمد بن جعفر الآتية في الأدب عن محمد بن جعفر عن سعيد حدثني عبيد الله بن أبي بكر سمعت أنس بن مالك (قوله سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر) زاد بهز عن شعبة عند أحمد أو ذكرها وفي رواية محمد بن جعفر ذكر الكبائر أو سئل عنها وكأن المراد بالكبائر أكبرها كما في حديث أبي بكرة الذي يليه وكذا وقع في بعض الطرق عن شعبة كما سأبينه وليس القصد حصر الكبائر فيما ذكر وسيأتي الكلام إن شاء الله تعالى في تعريفها والإشارة إلى تعيينها في الكلام على حديث أبي هريرة اجتنبوا السبع الموبقات وهو في آخر كتاب الوصايا (قوله وشهادة الزور) في رواية محمد بن جعفر قول الزور أو قال شهادة الزور قال شعبة وأكثر ظني أنه قال شهادة الزور (قوله تابعه غندر) هو محمد بن جعفر المذكور (قوله وأبو عامر وبهز وعبد الصمد) أما رواية أبي عامر وهو العقدي فوصلها أبو سعيد النقاش في كتاب الشهود وابن منده في كتاب الايمان من طريقه عن شعبة بلفظ أكبر الكبائر الاشراك بالله
(١٩٢)