بالمال وبأن مدار الاحكام على الظاهر فلا يترك إقراره للظن المحتمل فإن أمره فيه إلى الله تعالى (قوله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) هو طرف من حديث وصله المصنف في الأدب من وجهين عن أبي هريرة وقصد بذكره هنا الرد على من أساء الظن بالمريض فمنع تصرفه ومعنى قوله أكذب الحديث أي أكذب في الحديث من غيره لان الصدق والكذب يوصف بهما القول لا الظن (قوله ولا يحل مال المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم آية المنافق إذا ائتمن خان) هو طرف من حديث تقدم شرحه في كتاب الايمان ووجه تعلقه بالرد على من منع إجازة إقرار المريض من جهة أنه دال على ذم الخيانة فلو ترك ذكر ما عليه من الحق وكتمه لكان خائنا للمستحق فلزم من وجوب ترك الخيانة وجوب الاقرار لأنه إذا كتم صار خائنا ومن لم يعتبر إقراره كان حمله على الكتمان (قوله وقال الله تعالى ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فلم يخص وارثا ولا غيره) أي لم يفرق بين الوارث وغيره في الامر بأداء الأمانة فيصح الاقرار سواء كان لوارث أو غيره (قوله فيه عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم) يعني حديث آية المنافق الذي علقه مختصرا وقد تقدم موصولا بتمامه في كتاب الايمان ولفظه أربع من كن فيه كان منافقا خالصا وفيه وإذا ائتمن خان وحديث أبي هريرة الذي أورده في هذا الباب بلفظ آية المنافق ثلاث تقدم هناك أيضا بإسناده ومتنه وتقدم شرحه أيضا والله المستعان (قوله باب تأويل قوله تعالى من بعد وصية يوصى بها أو دين) أي بيان المراد بتقديم الوصية في الذكر على الدين مع أن الدين هو المقدم في الأداء وبهذا يظهر السر في تكرار هذه الترجمة (قوله ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية) هذا طرف من حديث أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما من طريق الحارث وهو الأعور عن علي بن أبي طالب قال قضى محمد صلى الله عليه وسلم أن الدين قبل الوصية وأنتم تقرؤن الوصية قبل الدين لفظ أحمد وهو إسناد ضعيف لكن قال الترمذي أن العمل عليه عند أهل العلم وكأن البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه وإلا فلم تجر عادته أن يورد الضعيف في مقام الاحتجاج به وقد أورد في الباب ما يعضده أيضا ولم يختلف العلماء في أن الدين يقدم على الوصية الا في صورة واحدة وهي ما لو أوصى لشخص بألف مثلا وصدقه الوارث وحكم به ثم ادعى آخر أن له في ذمة الميت دينا يستغرق موجوده وصدقه الوارث ففي وجه للشافعية تقدم الوصية على الدين في هذه الصورة الخاصة ثم قد نازع بعضهم في إطلاق كون الوصية مقدمة على الدين في الآية لأنه ليس فيها صيغة ترتيب بل المراد أن المواريث إنما تقع بعد قضاء الدين وانفاذ الوصية وأتى بأو للإباحة وهي كقولك جالس زيد أو عمرا أي لك مجالسة كل منهما اجتمعا أو افترقا وإنما قدمت لمعنى اقتضى الاهتمام لتقديمها واختلف في تعيين ذلك المعنى وحاصل ما ذكره أهل العلم من مقتضيات التقديم ستة أمور * أحدها الخفة والثقل كربيعة ومضر فمضر أشرف من ربيعة لكن لفظ ربيعة لما كان أخف قدم في الذكر وهذا يرجع إلى اللفظ ثانيها بحسب الزمان كعاد وثمود * ثالثها بحسب الطبع كثلاث ورباع رابعها بحسب الرتبة كالصلاة والزكاة لان الصلاة حق البدن والزكاة حق المال والبدن مقدم على المال * خامسها تقديم السبب على المسبب كقوله تعالى عزيز حكيم قال بعض السلف عز فلما عز حكم سادسها بالشرف والفضل
(٢٨٢)