الا على حق وقد قال في آخر الرواية التي وقع فيها التشبيه قال فلا إذا تاسعها عمل الخليفتين أبي بكر وعمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم على عدم التسوية قرينة ظاهرة في أن الامر للندب فأما أبو بكر فرواه الموطأ بإسناد صحيح عن عائشة أن أبا بكر قال لها في مرض موته إني كنت نحلتك نحلا فلو كنت اخترتيه لكان لك وإنما هو اليوم للوارث وأما عمر فذكره الطحاوي وغيره أنه نحل ابنه عاصما دون سائر ولده وقد أجاب عروة عن قصة عائشة بأن اخوتها كانوا راضين بذلك ويجاب بمثل ذلك عن قصة عمر عاشر الأجوبة أن الاجماع انعقد على جواز عطية الرجل ماله لغير ولده فإذا جاز له أن يخرج جميع ولده من ماله جاز له أن يخرج عن ذلك بعضهم ذكره بن عبد البر ولا يخفى ضعفه لأنه قياس مع وجود النص وزعم بعضهم أن معنى قوله لا أشهد على جور أي لا أشهد على ميل الأب لبعض الأولاد دون بعض وفي هذا نظر لا يخفى ويرده قوله في الرواية لا أشهد الا على الحق وحكى ابن التين عن الداودي أن بعض المالكية احتج بالاجماع على خلاف ظاهر حديث النعمان ثم رده عليه واستدل به أيضا على أن للأب أن يرجع فيما وهبه لابنه وكذلك الام وهو قول أكثر الفقهاء الا أن المالكية فرقوا بين الأب والام فقالوا للام أن ترجع إن كان الأب حيا دون ما إذا مات وقيدوا رجوع الأب بما إذا كان الابن الموهب له لم يستحدث دينا أو ينكح وبذلك قال إسحاق وقال الشافعي للأب الرجوع مطلقا وقال أحمد لا يحل لواهب أن يرجع في هبته مطلقا وقال الكوفيون إن كان الموهوب صغيرا لم يكن للأب الرجوع وكذا إن كان كبيرا وقبضها قالوا وأن كانت الهبة لزوج من زوجته أو بالعكس أو لذي رحم لم يجز الرجوع في شئ من ذلك ووافقهم إسحاق في ذي الرحم وقال للزوجة أن ترجع بخلاف الزوج والاحتجاج لكل واحد من ذلك يطول وحجة الجمهور في استثناء الأب أن الولد وما له لأبيه فليس في الحقيقة رجوعا وعلى تقدير كونه رجوعا فربما اقتضته مصلحة التأديب ونحو ذلك وسيأتي الكلام عن هبة الزوجين في الباب بعده وفي الحديث أيضا الندب إلى التآلف بين الاخوة وترك ما يوقع بينهم الشحناء أو يورث العقوق للآباء وأن عطية الأب لابنه الصغير في حجره لا تحتاج إلى قبض وأن الاشهاد فيها يغني عن القبض وقيل إن كانت الهبة ذهبا أو فضة فلا بد من عزلها وافرازها وفيه كراهة تحمل الشهادة فيما ليس بمباح وأن الاشهاد في الهبة مشروع وليس بواجب وفيه جواز الميل إلى بعض الأولاد والزوجات دون بعض وإن وجبت التسوية بينهم في غير ذلك وفيه أن للامام الأعظم أن يتحمل الشهادة وتظهر فائدتها إما ليحكم في ذلك بعلمه عند من يجيزه أو يؤديها عند بعض نوابه وفيه مشروعية استفصال الحاكم والمفتي عما يحتمل الاستفصال لقوله ألك ولد غيره فلما قال نعم قال أفكلهم أعطيت مثله فلما قال لا قال لا أشهد فيفهم منه أنه لو قال نعم لشهد وفيه جواز تسمية الهبة صدقة وأن للامام كلاما في مصلحة الولد والمبادرة إلى قبول الحق وأمر الحاكم والمفتي بتقوى الله في كل حال وفيه إشارة إلى سوء عاقبة الحر ص والتنطع لان عمرة لو رضيت بما وهبه زوجها لولده لما رجع فيه فلما أشتد حرصها في تثبيت ذلك أفضى إلى بطلانه وقال المهلب فيه أن للامام أن يرد الهبة والوصية ممن يعرف منه هروبا عن بعض الورثة والله أعلم قوله (باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها) أي هل يجوز لاحد منهما الرجوع فيها (قوله قال إبراهيم) هو النخعي (قوله جائزة) أي فلا رجوع فيها وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن
(١٥٩)