أول يركب على البناء للمجهول وكذلك يشرب وهو خبر بمعنى الامر لكن لم يتعين فيه المأمور والمراد بالرهن المرهون وقد أوضحه في الطريق الثانية حيث قال الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا (قوله الدر) بفتح المهملة وتشديد الراء مصدر بمعنى الدارة أي ذات الضرع وقوله لبن الدر هو من إضافة الشئ إلى نفسه (3) وهو كقوله تعالى وحب الحصيد (قوله في الرواية الثانية وعلى الذي يركب ويشرب) النفقة أي كائنا من كان هذا ظاهر الحديث وفيه حجة لمن قال يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن إذا قام بمصلحته ولو لم يأذن له المالك وهو قول أحمد وإسحاق وطائفة قالوا ينتفع المرتهن من الرهن بالركوب والحلب بقدر النفقة ولا ينتفع بغيرهما لمفهوم الحديث وأما دعوى الاجمال فيه فقد دل بمنطوقه على إباحة الانتفاع في مقابلة الانفاق وهذا يختص بالمرتهن لان الحديث وإن كان مجملا لكنه يختص بالمرتهن لان انتفاع الراهن بالمرهون لكونه مالك رقبته لا لكونه منفقا عليه بخلاف المرتهن وذهب الجمهور إلى أن المرتهن لا ينتفع من المرهون بشئ وتأولوا الحديث لكونه ورد على خلاف القياس من وجهين أحدهما التجويز لغير المالك أن يركب ويشرب بغير إذنه والثاني تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة قال بن عبد البر هذا الحديث عند جمهور الفقهاء يرده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها ويدل على نسخه حديث ابن عمر الماضي في أبواب المظالم لا تحتلب ماشية امرئ بغير إذنه انتهى وقال الشافعي يشبه أن يكون المراد من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن من درها وظهرها فهي محلوبة ومركوبة له كما كانت قبل الرهن واعترضه الطحاوي بما رواه هشيم عن زكريا في هذا الحديث ولفظه إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها الحديث قال فتعين أن المراد المرتهن لا الراهن ثم أجاب عن الحديث بأنه محمول على أنه كان قبل تحريم الربا فيما حرم الربا حرم أشكاله من بيع اللبن في الضرع وقرض كل منفعة تجر ربا قال فارتفع بتحريم الربا ما أبيح في هذا للمرتهن وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال والتاريخ في هذا متعذر والجمع بين الأحاديث ممكن وطريق هشيم المذكور زعم بن حزم أن إسماعيل بن سالم الصائغ تفرد عن هشيم بالزيادة وأنها من تخليطه وتعقب بأن أحمد رواها في مسنده عن هشيم وكذلك أخرجه الدارقطني من طريق زياد بن أيوب عن هشيم وقد ذهب الأوزاعي والليث وأبو ثور إلى حمله على ما إذا أمتنع الراهن من الانفاق على المرهون فيباح حينئذ للمرتهن الانفاق على الحيوان حفظا لحياته ولابقاء المالية فيه وجعل له في مقابلة نفقته الانتفاع بالركوب أو بشرب اللبن بشرط أن لا يزيد قدر ذلك أو قيمته على قدر علفه وهي من جملة مسائل الظفر وقيل أن الحكمة في العدول عن اللبن إلى الدر الإشارة إلى أن المرتهن إذا حلب جاز له لان الدر ينتج من العين بخلاف ما ذا كان اللبن في إناء مثلا ورهنه فإنه لا يجوز للمرتهن أن يأخذ منه شيئا أصلا كذا قال واحتج الموفق في المغني بأن نفقة الحيوان واجبة وللمرتهن فيه حق وقد أمكن استيفاء حقه من نماء الرهن والنيابة عن المالك فيما وجب عليه واستيفاء ذلك من منافعه فجاز ذلك كما يجوز للمرأة أخذ مؤنتها من مال زوجها عند امتناعه بغير إذنه والنيابة عنه في الانفاق عليها والله أعلم (قوله باب الرهن عند اليهود وغيرهم) ذكر فيه حديث عائشة المتقدم قريبا وغرضه جواز معاملة غير المسلمين وقد تقدم البحث فيه قريبا (قوله باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة
(١٠٢)