روى الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن جابر قصة شهداء أحد كما مضى في الجنائز وذلك هو الحامل لهم على تفسيره هنا به والله أعلم (قوله باب إذا قاص أو جازفه في الدين) أي عند الأداء فهو جائز تمرا بتمر أو غيره قال المهلب لا يجوز عند أحد من العلماء أن يأخذ من له دين تمر من غريمه تمرا مجازفة بدينه لما فيه من الجهل والغرر وإنما يجوز أن يأخذ مجازفة في حقه أقل من دينه إذا علم الآخذ ذلك ورضي أه وكأنه أراد بذلك الاعتراض على ترجمة البخاري ومراد البخاري ما أثبته المعترض لا ما نفاه وغرضه بيان أنه يغتفر في القضاء من المعارضة ما لا يغتفر ابتداء لان بيع الرطب بالتمر لا يجوز في غير العرايا ويجوز في المعاوضة عند الوفاء وذلك بين في حديث الباب فإنه صلى الله عليه وسلم سأل الغريم أن يأخذ تمر الحائط وهو مجهول القدر في الأواسق التي هي له وهي معلومة وكان تمر الحائط دون الذي له كما وقع التصريح بذلك في كتاب الصلح من وجه آخر وفيه فأبوا ولم يروا فيه وفاء وقد أخذ الدمياطي كلام المهلب فاعترض به فقال هذا لا يصح ثم اعتل بنحو ما ذكره المهلب وتعقبه بن المنير بنحو ما أجبت به فقال بيع المعلوم بالمجهول مزابنة فإن كان تمرا نحوه فمزابنة وربا لكن اغتفر ذلك في الوفاء لان التفاوت متحقق في العرف فيخرج عن كونه مزابنة وسيأتي الكلام على بقية فوائده في علامات النبوة إن شاء الله تعالى وقوله في هذا الاسناد حدثنا أنس هو ابن عياض أبو ضمرة وهشام هو ابن عروة ووهب هو ابن كيسان والاسناد كله مدنيون (قوله باب من استعاذ من الدين حدثنا أبو اليمان) تقدم بهذا الاسناد والمتن في أواخر صفة الصلاة وسياقه هناك أتم وتقدم شرحه ثم والسياق الذي هنا كأنه للاسناد الثاني ويؤيده أن رواية أبي اليمان المفردة هناك صرح فيها بالاخبار من عروة للزهري وذكر ههنا بالعنعنة وإسماعيل المذكور هنا هو ابن أبي أويس وأخوه هو عبد الحميد أبو بكر وهو بكنيته أشهر وسليمان هو ابن بلال والاسناد كله مدنيون قال المهلب يستفاد من هذا الحديث سد الذرائع لأنه صلى الله عليه وسلم استعاذ من الدين لأنه في الغالب ذريعة إلى الكذب في الحديث والخلف في الوعد مع ما لصاحب الدين عليه من المقال اه ويحتمل أن يراد بالاستعاذة من الدين الاستعاذة من الاحتياج إليه حتى لا يقع في هذه الغوائل أو من عدم القدرة على وفائه حتى لا تبقى تبعته ولعل ذلك هو السر في إطلاق الترجمة ثم رأيت في حاشية ابن المنير لا تناقض بين الاستعاذة من الدين وجواز الاستدانة لان الذي أستعيذ منه غوائل الدين فمن أدان وسلم منها فقد أعاذه الله وفعل جائزا (قوله باب الصلاة على من ترك دينا) قال ابن المنير أراد بهذه الترجمة أن الدين لا يخل بالدين وأن الاستعاذة منه ليست لذاته بل لما يخشى من غوائله وأورد الحديث الذي فيه من ترك دينا فليأتني وأشار به
(٤٥)