بعد ما ساق النبي صلى الله عليه وسلم الهدي من المدينة وهي ثلاث وستون بدنة وجاء علي من اليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه سبع وثلاثون بدنة فصار جميع مساقه النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى مائة بدنة وأشرك عليا معه فيها وهذا الاشتراك محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جعل عليا شريكا له في ثواب الهدي لا أنه ملكه له بعد أن جعله هديا ويحتمل أن يكون علي لما أحضر الذي أحضره معه فرآه النبي صلى الله عليه وسلم ملكه نصفه مثلا فصار شريكا فيه وساق الجميع هديا فصارا شريكين فيه لا في الذي ساقه النبي صلى الله عليه وسلم أولا (قوله وجاء على ابن أبي طالب فقال أحدهما يقول لبيك بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الآخر لبيك بحجة رسول الله صلى الله عليه وسلم) تقدم في أوائل الحج بيان الذي عبر بالعبارة الأولى وهو جابر وكذا وقع في أبواب العمرة وتعين أن الذي قال بحجة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ابن عباس ومعنى قوله بحجة أي بمثل حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم (تنبيه) حديث ابن عباس في هذا من هذا الوجه أغفله المزي فلم يذكره في ترجمة طاوس لا في رواية بن جريج عنه ولا في رواية عطاء عنه بل لم يذكر لواحد منهما رواية عن طاوس وكذا صنع الحميدي فلم يذكر طريق طاوس عن ابن عباس هذه لا في المتفق ولا في أفراد البخاري لكن تبين من مستخرج أبي نعيم انه من رواية ابن جريج عن طاوس فإنه أخرجه من مسند أبي يعلى قال حدثنا أبو الربيع حدثنا حماد ابن زيد عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال وحدثنا حماد عن ابن جريج عن طاوس عن ابن عباس ولم أر لابن جريج عن طاوس رواية في غير هذا الموضع وإنما يروي عنه في الصحيحين وغيرهما بواسطة ولم أر هذا الحديث من رواية طاوس عن ابن عباس في مسند أحمد مع كبره والذي يظهر لي أن ابن جريج عن طاوس منقطع فقد قال الأئمة أنه لم يسمع من مجاهد ولا من عكرمة وإنما أرسل عنهما وطاوس من أقرانهما وإنما سمع من عطاء لكونه تأخرت عنهما وفاته نحو عشرين سنة والله أعلم (قوله باب من عدل عشرة من الغنم بجزور) بفتح الجيم وضم الزاي أي بعير (في القسم) بفتح القاف ذكر فيه حديث رافع في ذلك وقد تقدم قريبا وانه يأتي الكلام عليه في الذبائح إن شاء الله تعالى ومحمد شيخ البخاري في هذا الحديث لم ينسب في أكثر الروايات ووقع في رواية ابن شبويه حدثنا محمد بن سلام والله أعلم (خاتمة) اشتمل كتاب الشركة من الأحاديث المرفوعة على سبعة وعشرين حديثا المعلق منها واحد والبقية موصولة المكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثة عشر حديثا والخالص أربعة عشر وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث النعمان مثل القائم على حدود الله وحديثي عبد الله بن هشام وحديثي عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير في قصته وحديث ابن عباس الأخير وفيه من الآثار أثر واحد والله أعلم (قوله بسم الله الرحمن الرحيم كتاب في الرهن في الحضر وقول الله عز وجل فرهن مقبوضة) كذا لأبي ذر ولغيره باب بدل كتاب ولابن شبويه باب ما جاء وكلهم ذكروا الآية من أولها والرهن بفتح أوله وسكون الهاء في اللغة الاحتباس من قولهم رهن الشئ إذا دام وثبت ومنه كل نفس بما كسبت رهينة وفي الشرع جعل مال وثيقة على دين ويطلق أيضا على العين المرهونة تسمية للمفعول باسم المصدر وأما الرهن بضمتين فالجمع ويجمع أيضا على رهان بكسر الراء ككتب وكتاب وقرئ بهما وقوله في الحضر إشارة إلى أن التقييد بالسفر في الآية خرج للغالب فلا مفهوم له لدلالة
(٩٨)