الحق بالاملاء اقتضى تصديقه فيما أقر به وإذا كان مصدقا فالبينة على من أدعى تكذيبه (قوله باب إذا عدل رجل رجلا فقال لا نعلم الا خيرا أو ما علمت الا خيرا) وفي رواية الكشميهني أحدا بدل رجلا قال ابن بطال حكى الطحاوي عن أبي يوسف أنه قال إذا قال ذلك قبلت شهادته ولم يذكر خلافا عن الكوفيين في ذلك واحتجوا بحديث الإفك وقال مالك لا يكون ذلك تزكية حتى يقول رضا أي بالقصر وقال الشافعي حتى يقول عدل وفي قول عدل علي ولي ولا بد من معرفة المزكي حاله الباطنة والحجة لذلك أنه لا يلزم من أنه لا يعلم منه الا الخير أن لا يكون فيه شر وأما احتجاجهم بقصة أسامة فأجاب المهلب بأن ذلك وقع في العصر الذي زكى الله أهله وكانت الجرحة فيهم شاذة فكفى في تعديلهم أن يقال لا أعلم الا خيرا وأما اليوم فالجرحة في الناس أغلب فلا بد من التنصيص على العدالة (قلت) لم يبت البخاري الحكم في الترجمة بل أوردها مورد السؤال لقوة الخلاف فيها (قوله وساق حديث الإفك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة حين استشاره فقال أهلك ولا نعلم الا خيرا) كذا لأبي ذر ولم يقع هذا كله عند الباقين وهو اللائق لان حديث الإفك قد ذكر في الباب موصولا وأن كان اختصره وسيأتي مطولا أيضا بعد أبواب ويأتي الكلام عليه في تفسير سورة النور وقوله فيه وقال الليث حدثني يونس وصله هناك أيضا وقوله أهلك ولا نعلم الا خيرا بنصب أهلك للأكثر على الاغراء أو على فعل محذوف تقديره أمسك أهلك ولبعضهم بالرفع أي هم أهلك قال ابن المنير التعديل إنما هو تنفيذ للشهادة وعائشة رضي الله عنها لم تكن شهدت ولا كانت محتاجة إلى التعديل لان الأصل البراءة وإنما كانت محتاجة إلى نفي التهمة عنها حتى تكون الدعوى عليها بذلك غير مقبولة ولا شبهة فيكفي في هذا القدر هذا اللفظ فلا يكون فيه لمن اكتفى بالتعديل بقوله لا أعلم الا خيرا حجة (قوله باب شهادة المختبئ) بالخاء المعجمة أي الذي يختفي عند التحمل (قوله وأجازه) أي الاختباء عند تحمل الشهادة (قوله عمرو بن حريث) بالمهملة والمثلثة مصغر ابن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي من صغار الصحابة ولأبيه صحبة وليس له في البخاري ذكر الا في هذا الموضع (قوله قال وكذلك يفعل بالكاذب الفاجر) كأنه أشار إلى السبب في قبول شهادته وقد روى ابن أبي شيبة من طريق الشعبي عن شريح أنه كان لا يجيز شهادة المختبئ قال وقال عمرو بن حريث كذلك يفعل بالخائن الظالم أو الفاجر وروى سعيد بن منصور من طريق محمد بن عبيد الله الثقفي أن عمرو بن حريث كان يجيز شهادته ويقول كذلك يفعل بالخائن الفاجر وروي من طرق عن شريح أنه كان يرد شهادة المختبئ كذلك الشعبي وهو قول أبي حنيفة والشافعي في القديم أجازها في الجديد إذا عاين المشهود عليه قوله وقال الشعبي وابن سيرين وعطاء وقتادة السمع شهادة أما قول الشعبي فوصله ابن أبي شيبة عن هشيم عن مطرف عنه بهذا ورويناه في الجعديات قال حدثنا شريك عن الأشعث عن عامر وهو الشعبي قال تجوز شهادة السمع إذا قال سمعته يقول وأن لم يشهده وقول الشعبي هذا يعارض رده لشهادة المختبئ ويحتمل أن يفرق بأنه إنما رد شهادة المختبئ لما فيها من المخادعة ولا يلزم من ذلك رده لشهادة السمع من غير قصد وهو قول مالك وأحمد وإسحاق وعن مالك أيضا الحرص على محمل الشهادة قادح فإذا اختفى ليشهد فهو حرص وأما قول ابن سيرين وقتادة فسيأتي في باب شهادة
(١٨٣)