والمحبة الشديدة وأن الذي يشير على الكبير بشئ يورده بصورة العرض عليه لا الجزم وفيه جواز المبالغة في المدح لان الصحابي أطلق أن ريح الحمار أطيب من ريح عبد الله بن أبي وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك (قوله باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس) ترجم بلفظ الكاذب وساق الحديث بلفظ الكذاب واللفظ الذي ترجم به لفظ معمر عن ابن شهاب وهو عند مسلم وكان حق السياق أن يقول ليس من يصلح بين الناس كاذبا لكنه ورد على طريق القلب وهو سائغ (قوله عن صالح) هو بن كيسان والاسناد كله مدنيون وفيه ثلاثة من التابعين في نسق وأم كلثوم بنت عقبة أي بن أبي معيط الأموية (قوله فينمي) بفتح أوله وكسر الميم أي يبلغ تقول نميت الحديث أنميه إذا بلغته على وجه الاصلاح وطلب الخير فإذا بلغته على وجه الافساد والنميمة قلت نميته بالتشديد كذا قال الجمهور وادعى الحربي أنه لا يقال إلا نميته بالتشديد قال ولو كان ينمي بالتخفيف للزم أن يقول خير بالرفع وتعقبه ابن الأثير بأن خيرا انتصب بينمي كما ينتصب بقال وهو واضح جدا يستغرب من خفاء مثله على الحربي ووقع في رواية الموطأ ينمي بضم أوله وحكى بن قرقول عن رواية بن الدباغ بضم أوله وبالهاء بدل الميم قال وهو تصحيف ويمكن تخريجه على معنى يوصل تقول أنهيت إليه كذا إذا أوصلته (قوله أو يقول خيرا) هو شك من الراوي قال العلماء المراد هنا أنه يخبر بما عمله من الخير ويسكت عما عمله من الشر ولا يكون ذلك كذبا لان الكذب الاخبار بالشئ على خلاف ما هو به وهذا ساكت ولا ينسب لساكت قول ولا حجة فيه لمن قال يشترط في الكذب القصد إليه لان هذا ساكت وما زاده مسلم والنسائي من رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه في آخره ولم أسمعه يرخص في شئ مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث فذكرها وهي الحرب وحديث الرجل لامرأته والاصلاح بين الناس وأورد النسائي أيضا هذه الزيادة من طريق الزبيدي عن ابن شهاب وهذه الزيادة مدرجة بين ذلك مسلم في روايته من طريق يونس عن الزهري فذكر الحديث قال وقال الزهري وكذا أخرجها النسائي مفرده من رواية يونس وقال يونس أثبت في الزهري من غيره وجزم موسى بن هارون وغيره بادراجها ورويناه في فوائد بن أبي ميسرة من طريق عبد الوهاب ابن رفيع عن ابن شهاب فساقه بسنده مقتصرا على الزيادة وهو وهم شديد قال الطبري ذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد الاصلاح وقالوا إن الثلاث المذكورة كالمثال وقالوا الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة أوليس فيه مصلحة وقال آخرون لا يجوز الكذب في شئ مطلقا وحملوا الكذب المراد هنا على التورية والتعريض كمن يقول للظالم دعوت لك أمس وهو يريد قوله اللهم اغفر للمسلمين ويعد امرأته بعطية شئ ويريد إن قدر الله ذلك وأن يظهر من نفسه قوة (قلت) وبالأول جزم الخطابي وغيره وبالثاني جزم المهلب والأصيلي وغيرهما وسيأتي في باب الكذب في الحرب في أواخر الجهاد مزيد لهذا إن شاء الله تعالى واتفقوا على أن المراد بالكذب في حق المرأة والرجل إنما هو فيما لا يسقط حقا عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أو لها وكذا في الحرب في غير التأمين واتفقوا على جواز الكذب عند الاضطرار كما لو قصد ظالم قتل رجل وهو مختف عنده فله أن ينفي كونه عنده ويحلف على ذلك ولا يأثم والله أعلم (قوله باب قول الإمام لأصحابه اذهبوا بنا نصلح) ذكر فيه طرفا من حديث سهل بن سعد الماضي في أوائل كتاب
(٢٢٠)