فوقها صغيرة كما دل عليه حديث الباب وقد فهم الفرق بين الصغيرة والكبيرة من مدارك الشرع وسبق في أوائل الصلاة ما يكفر الخطايا ما لم تكن كبائر فثبت به أن من الذنوب ما يكفر بالطاعات ومنها ما لا يكفر وذلك هو عين المدعى ولهذا قال الغزالي إنكار الفرق بين الكبيرة والصغيرة لا يليق بالفقيه ثم أن مراتب كل من الصغائر والكبائر مختلف بحسب تفاوت مفاسدها وفي الحديث تحريم شهادة الزور وفي معناها كل ما كان زورا من تعاطي المرء ما ليس له أهلا (قوله باب شهادة الأعمى ونكاحه وأمره وانكاحه ومبايعته وقبوله في التأذين وغيره وما يعرف بالأصوات) مال المصنف إلى إجازة شهادة الأعمى فأشار إلى الاستدلال لذلك بما ذكر من جواز نكاحه ومبايعه وقبول تأذينه وهو قول مالك والليث سواء علم ذلك قبل العمى أو بعده وفصل الجمهور فأجازوا ما تحمله قبل العمي لا بعده وكذا ما يتنزل فيه منزلة المبصر كان يشهده شخص بشئ ويتعلق هو به إلى أن يشهد به عليه وعن الحكم يجوز في الشئ اليسير دون الكثير وقال أبو حنيفة ومحمد لا تجوز شهادته بحال الا فيما طريقه الاستفاضة وليس في جميع ما استدل به المصنف دفع للمذهب المفصل إذ لا مانع من حمل المطلق على المقيد (قوله وأجاز شهادته القاسم وابن الحسن وابن سيرين والزهري وعطاء) أما القاسم فأظنه أراد بن محمد بن أبي بكر أحد الفقهاء السبعة وقد روى سعيد بن منصور عن هشيم عن يحيى بن سعيد وهو الأنصاري قال سمعت الحكم ابن عتيبة هو بالمثناة والموحدة مصغر يسأل القاسم بمحمد عن شهادة الأعمى فقال جائزة وأما قول الحسن وابن سيرين فوصله بن أبي شيبة من طريق أشعث عنهما قالا شهادة الأعمى جائزة وأما قول الزهري فوصله بن أبي شيبة من طريق بن أبي ذئب عنه أنه كان يجيز شهادة الأعمى قوله وأما قول عطاء وهو بن أبي رباح فوصله الأثرم من طريق بن جريج عنه قال تجوز شهادة الأعمى (قوله وقال الشعبي تجوز شهادته إذا كان عاقلا) وصله بن أبي شيبة عنه بمعناه وليس المراد بقوله عاقلا الاحتراز من الجنون لان ذاك أمر لا بد من الاحتراز منه سواء كان أعمى أو بصيرا وإنما مراده أن يكون فطنا مدركا للأمور الدقيقة بالقرائن ولا شك في تفاوت الاشخاص في ذلك (قوله وقال الحكم رب شئ تجوز فيه) وصله بن أبي شيبة عنه بهذا وكأنه توسط بين مذهبي الجواز والمنع (قوله وقال الزهري أرأيت ابن عباس لو شهد على شهادة أكنت ترده) وصله الكرابيسي في أدب القضاء من طريق بن أبي ذئب عنه (قوله وكان ابن عباس يبعث رجلا الخ) وصله عبد الرزاق بمعناه من طريق أبي رجاء عنه ووجه تعلقه به كونه كان يعتمد على خبر غيره مع أنه لا يرى شخصه وإنما سمع صوته قال بن المنير لعل البخاري يشير بحديث بن عباس إلى جواز شهادة الأعمى على التعريف أي إذا عرف أن هذا فلان فإذا عرف شهد قال وشهادة التعريف مختلف فيها عند مالك وغيره وقد جاء عن بن عباس أنه كان لا يكتفي برؤية الشمس لأنها تواريها الجبال والسحاب ويكتفي بغلبة الظلمة على الأفق الذي من جهة المشرق وأخرجه سعيد بن منصور عنه قوله وقال سليمان بن يسار استأذنت على عائشة فعرفت صوتي فقالت سليمان ادخل الخ تقدم الكلام عليه في آخر العتق وفيه دليل على أن عائشة كانت ترى ترك الاحتجاب من العبد سواء كان في ملكها أو في ملك غيرها لأنه كان مكاتب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأما مم قال يحتمل أنه كان مكاتبا لعائشة فمعارض للصحيح من الاخبار بمحض الاحتمال وهو مردود وأبعد
(١٩٤)