لان الحالف يجلب لنفسه النفع ويدفع الضرر فكان ذلك في غاية الحكمة واختلف الفقهاء في التعريف المدعى عليه والمشهور فيه تعريفان * الأول المدعي من يخالف قوله الظاهر والمدعى عليه بخلافه * والثاني من إذا سكت ترك وسكوته والمدعى عليه من لا يخلى إذا سكت والأول أشهر * والثاني أسلم وقد أورد على الأول بأن المودع إذا ادعى الرد أو التلف فإن دعواه تخالف الظاهر ومع ذلك فالقول قوله وقيل في تعريفهما غير ذلك واستدل بقوله اليمين على المدعى عليه للجمهور بحمله على عمومه في حق كل واحد سواء كان بين المدعي والمدعى عليه اختلاط أم لا وعن مالك لا تتوجه اليمين إلا على من بينه وبين المدعي اختلاط لئلا يبتذل أهل السفه أهل الفضل بتحليفهم مرارا وقريب من مذهب مالك قول الإصطخري من الشافعية إن قرائن الحال إذا شهدت بكذب المدعي لم يلتفت إلى دعواه واستدل بقوله لادعى ناس دماء ناس وأموالهم على إبطال قول المالكية في التدمية ووجه الدلالة تسويته صلى الله عليه وسلم بن الدماء والأموال وأجيب بأنهم لم يسندوا القصاص مثلا إلى قول المدعي بل للقسامة فيكون قوله ذلك لوثا يقوي جانب المدعي في بداءته بالايمان الحديث الثاني والثالث حديث الأشعث وعبد الله بن مسعود في سبب نزول قوله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله الآية وقد مضت الإشارة إليه قبل بباب والمراد منه قوله شاهداك أو يمينه وقد روى نحو هذه القصة وائل بن حجر وزاد فيها ليس لك إلا ذلك أخرجه مسلم وأصحاب السنن واستدل بهذا الحصر على رد القضاء باليمين والشاهد وأجيب بأن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم شاهداك أي بينتك سواء كانت رجلين أو رجلا وامرأتين أو رجلا ويمين الطالب وإنما خص الشاهدين بالذكر لأنه الأكثر الأغلب فالمعنى شاهداك أو ما يقوم مقامهما ولو لزم من ذلك رد الشاهد واليمين لكونه لم يذكر للزم رد الشاهد والمرأتين لكونه لم يذكر فوضح التأويل المذكور والملجئ إليه ثبوت الخبر باعتبار الشاهد واليمين فدل على أن ظاهر لفظ الشاهدين غير مراد بل المراد هو أو ما يقوم مقامه (قوله باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة وينطلق لطلب البينة) أورد فيه طرفا من حديث ابن عباس في قصة المتلاعنين وسيأتي الكلام عليه مستوفى في مكانه والغرض منه تمكين القاذف من إقامة البينة على زنا المقذوف لدفع الحد عنه ولا يرد عليه أن الحديث ورد في الزوجين والزوج له مخرج عن الحد باللعان إن عجز عن البينة بخلاف الأجنبي لأنا نقول إنما كان ذلك قبل نزول آية اللعان حيث كان الزوج والأجنبي سواء وإذا ثبت ذلك للقاذف ثبت لكل مدع من باب الأولى (قوله باب اليمين بعد العصر) ذكر فيه حديث أبي هريرة ثلاثة لا يكلمهم الله الحديث وفيه ورجل ساوم بسلعة بعد العصر فحلف الحديث وسيأتي الكلام عليه في الاحكام ونذكر ما يتعلق به من تغليظ اليمن بالزمان في الباب الذي بعده إن شاء الله تعالى قال المهلب إنما خص النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوقت بتعظيم الاثم على من حلف فيه كاذبا لشهود ملائكة الليل والنهار ذلك الوقت انتهى وفيه نظر لان بعد صلاة الصبح يشاركه في شهود الملائكة ولم يأت فيه ما أتى في وقت العصر ويمكن أن يكون اختص بذلك لكونه وقت ارتفاع الأعمال (قوله باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين ولا يصرف من موضع إلى غيره) أي وجوبا وهو قول الحنفية والحنابلة وذهب الجمهور إلى وجوب التغليظ ففي المدينة عند المنبر
(٢٠٩)