في القبلة فقلت له: أمرني أن يحفر له سبع مراقي وأن أشق له ضريحة، فقال: انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت سوى الضريح ولكن يحفر له ويلحد.
فلما رأى ما ظهر له من النداوة والحيتان وغير ذلك قال المأمون: لم يزل الرضا عليه السلام يرينا عجائبه في حياته - حتى أراناها بعد وفاته أيضا فقال له وزير كان معه:
أتدري ما أخبرك به الرضا قال: لا قال: إنه قد أخبرك أن ملككم يا بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان حتى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم و ذهب دولتكم سلط الله تعالى عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم قال له: صدقت، ثم قال لي: يا أبا الصلت علمني الكلام الذي تكلمت به، قلت: والله قد نسيت الكلام من ساعتي - وقد كنت صدقت - فأمر بحبسي ودفن الرضا عليه السلام فحبست سنة.
فضاق على الحبس وسهرت ليلة ودعوت الله تبارك وتعالى بدعاء ذكرت فيه محمدا وآل محمد صلوات الله عليهم وسألت الله بحقهم أن يفرج عني، فما استتم دعائي حتى دخل علي أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام فقال لي: يا أبا الصلت ضاق صدرك فقلت: إي والله قال: قم فاخرج، ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت على ففكها وأخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة والغلمان يرونني فلم يستطيعوا أن يكلموني وخرجت من باب الدار، ثم قال لي امض في ودائع الله، فإنك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا فقال: أبو الصلت: فلم ألتق المأمون إلى هذا الوقت (1).
320 - عنه - رحمه الله - قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي - رضي الله عنه - قال حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثني محمد بن خلف الطاطري قال: حدثني هرثمة بن أعين (2) قال: كنت ليلة بين يدي المأمون حتى مضى من الليل أربع ساعات، ثم أذن لي في الانصراف فانصرفت، فلما مضى من الليل نصفه قرع قارع الباب، فأجابه بعض غلماني فقال له: قل لهرثمة أجب سيدك قال: فقمت مسرعا و أخذت على أثوابي وأسرعت إلى سيدي الرضا عليه السلام فدخل الغلام بين يدي ودخلت