فقالت رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء، ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر فمن حرها، وأشد ما تجدون من البرد فمن زمهريرها) معنى الابراد انكسار حر الظهيرة، وهو أن يفئ الافياء، وينكسر وهج الحر فهو برد بالإضافة إلى حر الظهيرة، وقوله: (من فيح جهنم) قال الخطابي معناه سطوع حرها وانتشاره، وأصله في كلامهم السعة والانتشار يقال: مكان أفيح أي واسع.
ثم قال: واختلف أهل العلم في تأخير صلاة الظهر في شدة الحر فذهب ابن المبارك وأحمد وإسحاق إلى تأخيرها والابراد بها في الصيف، وهو الأشبه بالاتباع، وقال الشافعي تعجيلها أولى إلا أن يكون إمام مسجد ينتابه الناس من بعد، فإنه يبرد بها في الصيف، فأما من صلى وحده أو جماعة في مسجد بفناء بيته لا يحضره إلا من بحضرته فإنه يعجلها، لأنه لا مشقة عليهم في تعجيلها.
ثم روي عن أبي ذر رضي الله عنه بأسانيد قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أبرد، ثم أراد أن يؤذن فقال له: أبرد حتى رأينا فئ التلول فقال النبي صلى الله عليه وآله إن شدة الحر من فيح جهنم: فإذا اشتد الحر فأبرد بالصلاة ثم قال: وفيه دليل على أن الابراد أولى، وإن لم يأت من بعد؟؟؟ النبي صلى الله عليه وآله أمره مع كونهم مجتمعين في السفر انتهى.
وحمل بعض الأفاضل الخبر على بلد يكون ظل الزوال فيه حال الصيف خمسة أقدام مثلا، فإذا صار مع الزيادة الحاصلة بعد الزوال مساويا للشخص يكون قد زاد قدمين فيوافق الاخبار الاخر، وهو محمل بعيد، مع أنه لا يستقيم في العصر، وفي تنزيل الجمعة منزلة الظهر على القول به فيها وجهان الأقرب الاقتصار على مورد النص للأخبار الدالة على ضيق وقت الجمعة، وخالف في ذلك في التذكرة فحكم بشموله لها.
15 - مجالس ابن الشيخ: عن أبيه، عن ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن