إن أول وقت الظهر زوال الشمس، وآخر وقتها قامة رجل: قدم وقدمان وجاء على النصف من ذلك وهو أحب إلي وجاء آخر وقتها إذا تم قامتين وجاء أول وقت العصر إذا تم الظل قدمين وآخر وقتها إذا تم أربعة أقدام. وجاء أول وقت العصر إذا تم الظل ذراعا وآخر وقتها إذا تم ذراعين وجاء لهما جميعا وقت واحد مرسل قوله (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين) وجاء أن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر ثم بالعشاء والعتمة من غير سفر ولا مرض وجاء أن لكل صلاة وقتين أول وآخر كما ذكرناه في أول الباب.
وأول الوقت أفضلها، وإنما جعل آخر الوقت للمعلول، فصار آخر الوقت رخصة للضعيف، لحال علته ونفسه وماله، وهي رحمة للقوي الفارغ لعلة الضعيف والمعلول، وذلك أن الله فرض الفرائض على أضعف القوم قوة ليستوي فيها الضعيف والقوي، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿فما استيسر من الهدى﴾ (١) وقال: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾ (2) فاستوى الضعيف الذي لا يقدر على أكثر من شاة، والقوي الذي يقدر على أكثر من شاة، إلى أكثر القدرة في الفرائض، وذلك لان لا تختلف الفرائض ولا تقام على حد.
وقد فرض الله تبارك وتعالى على الضعيف ما فرض على القوي، ولا يفرق عند ذلك بين القوى والضعيف، فلما أن لم يجز أن يفرض على الضعيف المعلول فرض القوى الذي هو غير معلول، ولم يجز أن يفرض على القوى غير فرض الضعيف فيكون الفرض محمولا ثبت الفرض عند ذلك على أضعف القوم، ليستوي فيها القوى والضعيف رحمة من الله للضعيف لعلته في نفسه ورحمة منه للقوى لعلة الضعيف، ويستتم الفرض المعروف المستقيم عند القوى والضعيف.
وإنما سمي ظل القامة قامة، لان حائط رسول الله صلى الله عليه وآله قامة إنسان، فسمي ظل الحائط ظل قامة وظل قامتين، وظل قدم وظل قدمين، وظل أربعة أقدام