أنه كان قد ترهب في الجاهلية، ولبس المسوح، فلما قدم النبي صلى الله عليه وآله المدينة حسده وحزب عليه الأحزاب، ثم هرب بعد فتح مكة وخرج إلى الروم وتنصر، وكان هؤلاء يتوقعون رجوعه إليهم، وأعدوا هذا المسجد له ليصلي فيه، ويظهر على رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه كان يقاتل رسول الله صلى الله عليه وآله في غزواته إلى أن هرب إلى الشام ليأتي من قيصر بجنود يحارب بهم رسول الله صلى الله عليه وآله ومات بقنسرين وحيدا.
(وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى) أي ما أردنا ببنائه إلا الخصلة الحسنى وهي الصلاة والذكر، والتوسعة على المصلين (والله يشهد إنهم لكاذبون) في حلفهم (لا تقم فيه أبدا) أي لا تصل فيه أبدا يقال: فلان يقوم بالليل أي يصلي (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) من أيام وجوده، وفي الكافي عن الصادق عليه السلام وفي العياشي عن الباقر والصادق عليهما السلام يعني مسجد قبا، وكذا ذكره علي بن إبراهيم (1) أيضا، وقيل:
أسسه رسول الله صلى الله عليه وآله وصلى فيه أيام مقامه بقبا، وقيل هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله و قال في المجمع: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: هو مسجدي هذا (2) وقيل: هو كل مسجد بني للاسلام وأريد به وجه الله تعالى.
(أحق أن تقوم فيه) أي أولى بأن تصلي فيه (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين) روى العياشي عن الصادق عليه السلام (3) أنه الاستنجاء وفي المجمع عن الباقر والصادق عليهما السلام يحبون أن يتطهروا بالماء عن الغائط والبول، وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لأهل قبا: ما تفعلون في طهركم؟ فان الله قد أحسن إليكم الثناء؟ قالوا: نغسل أثر الغائط، فقال أنزل الله فيكم (والله يحب المتطهرين).
أقول: قد مضى تفسير تلك الآيات وتأويلها (4) والقصص المتعلقة بها بأسانيدها