هو حال العبد الواقف بين يدي سيده، وقيل: معناه النهي عن تمكينهم من الدخول في المساجد، وروى العياشي عن محمد بن يحيى (١) يعني لا يقبلون الايمان إلا والسيف على رؤسهم.
(لهم في الدنيا خزي) قتل وسبي أو ذلة بضرب الجزية، وقيل: أي بعد قيام القائم، والأولى التعميم بكل ما يصير سببا لمذلتهم في الدنيا.
أقول: تدل الآية بعمومها على عدم جواز منع ما يذكر الله به من الصلوات والدعوات وتلاوة القرآن ونشر العلوم الدينية وأمثالها في المساجد، وحرمة السعي في خرابها الصوري بهدمها، وإدخالها في الملك وغير ذلك، بل تعطيلها، وكل ما يوجب ذهاب رونقها و إحداث البدع فيها، وكل ما ينافي وضعها وحصول الذكر فيها.
﴿وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد﴾ (2) على بعض المحتملات يدل على رجحان إتيان المساجد، وسيأتي في باب القبلة.
(ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) (3) أي ما كانوا أهل ذلك، ولا جاز لهم، أو ما صح ولا استقام لهم عمارة شئ من المساجد فضلا عن المسجد الحرام، و هو صدرها ومقدمها، وقيل: هو المراد كما هو الظاهر على قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب مسجد الله لقوله تعالى فيما بعد (وعمارة المسجد الحرام) وإنما جمع لأنها قبلة المساجد كلها وإمامها، فعامرها كعامر جميعها، أو لان كل بقعة منه مسجد.
(شاهدين على أنفسهم بالكفر) باظهار كفرهم، ونصبهم الأصنام حول البيت وقيل: هي اعترافهم بملة من ملل الكفر كالنصراني بأنه نصراني وروي في الجوامع أن المسلمين عيروا أسارى بدر، ووبخ علي عليه السلام العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وآله و قطيعة الرحم، فقال العباس: تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا؟ فقالوا: أو لكم محاسن؟ قال: نعم، إنا نعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحجيج