وذراع، وذلك أنه إذا مسح بالقدمين كان قدمين وإذا مسح بالذراع كان ذراعا، و إذا مسح بالذراعين كان ذراعين، وإذا مسح بالقامة كان قامة، أي هو ظل القامة وليس هو بطول القامة سواء مثله، لان ظل القامة ربما كان قدما، وربما كان قدمين، ظل مختلف على قدر الأزمنة، واختلافها باختلافهما، لان الظل قد يطول وينقص لاختلاف الأزمنة، والحائط المنسوب إلى قامة إنسان قائم معه غير مختلف، ولا زائد ولا ناقص، فلثبوت الحائط المقيم المنسوب إلى القامة كان الظل منسوبا إليه ممسوحا به، طال الظل أم قصر.
فان قال: لم صار وقت الظهر والعصر أربعة أقدام، ولم يكن الوقت أكثر من الأربعة ولا أقل من القدمين؟ وهل كان يجوز أن يصير أوقاتها أوسع من هذين الوقتين أو أضيق؟
قيل له: يجوز الوقت أكثر مما قدر لأنه إنما صير الوقت على مقادير قوة أهل الضعف واحتمالهم، لمكان أداء الفرائض، ولو كانت قوتهم أكثر مما قدر لهم من الوقت، لقدر لهم وقت أضيق، ولو كانت قوتهم أضعف من هذا لخفف عنهم من الوقت وصير أكثرهما، ولكن لما قدرت قوى الخلق على ما قدر لهم الوقت الممدود بها بقدر الفريقين، قدر لأداء الفرائض والنافلة وقت ليكون الضعيف معذورا في تأخيره الصلاة إلى آخر الوقت لعلة ضعفه وكذلك القوي معذورا بتأخيره الصلاة إلى آخر الوقت لأهل الضعف، لعلة المعلول، مؤديا للفرض، وإن كان مضيعا للفرض بتركه للصلاة في أول الوقت وقد قيل أول الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو الله.
وقيل: فرض الصلوات الخمس التي هي مفروضة على أضعف الخلق قوة ليستوي بين الضعيف والقوى كما استوى في الهدي شاة وكذلك جميع الفرائض المفروضة على جميع الخلق إنما فرضها الله على أضعف الخلق قوة مع ما خص أهل القوة على أداء الفرائض في أفضل الأوقات وأكمل الفرض كما قال الله ﴿ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾ (1).