بين الروايتين.
ثم قال الشيخ البهائي قدس سره: هذا الخبر يدل على عدم جواز وضع الجبهة على قبر الإمام عليه السلام، لا في الصلاة ولا في الزيارة، بل يضع خده الأيمن عليه، وعلى عدم جواز التقدم على الضريح المقدس حال الصلاة لان قوله عليه السلام (يجعله الامام) صريح في جعل القبر بمنزلة الامام في الصلاة، فكما أنه لا يجوز للمأموم أن يتقدم على الامام بأن يكون موقفه أقرب إلى القبلة من موقف الامام بل يجب أن يتأخر عنه أو يساويه في الموقف يمينا أو شمالا، فكذا هنا، وهذا هو المراد بقوله عليه السلام (ولا يجوز أن يصلي بين يديه) إلى آخره.
والحاصل أن المستفاد من هذا الحديث أن كل ما ثبت للمأموم من وجوب التأخر عن الامام، أو المساواة له، وتحريم التقدم عليه ثابت للمصلي بالنسبة إلى الضريح المقدس، من غير فرق، فينبغي لمن يصلي عند رأس الإمام عليه السلام أو عند رجليه أن يلاحظ ذلك وقد نبهت على هذا جماعة من إخواني المؤمنين في المشهد المقدس الرضوي على مشرفه السلام فإنهم كانوا يصلون في الصفة التي عند رأسه عليه السلام صفين، فبينت لهم أن الصف الأول أقرب إلى القبلة من الضريح المقدس على صاحبه السلام، وهذا مما ينبغي ملاحظته لمن يصلي في مسجد النبي صلى الله عليه وآله، وكذا في سائر المشاهد المقدسة، على ساكنيها أفضل التسليمات.
وربما يستفاد من هذا الحديث المنع من استدبار ضرائحهم صلوات الله عليهم في غير الصلاة أيضا نظرا إلى أن قوله عليه السلام (لان الامام لا يتقدم) عام في الصلاة وغيرها، وهذا هو الذي فهمه العلامة في المنتهى، وحمل المنع منه على الكراهة وقد دل أيضا على جواز الصلاة إلى قبر الإمام عليه السلام إذا كان في القبلة وبهذا تتخصص أخبار المنع، وظاهر المفيد - ره - بقاؤها على عمومها، فإنه قال في المقنعة:
لا تجوز الصلاة إلى شئ من القبور، حتى يكون بينه وبينه حائل إلى آخر ما مر ثم قال: وقد روي أنه لا بأس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر إمام عليه السلام والأصل ما قدمناه