وكان صرف القبلة صلاة الظهر، فقالوا: صلى محمد الغداة واستقبل قبلتنا، فآمنوا بالذي انزل على محمد صلى الله عليه وآله وجه النهار واكفروا آخره، يعنون القبلة حين استقبل رسول الله المسجد الحرام لعلهم يرجعون إلى قبلتنا.
وقال الرازي: وجه النهار هو أوله، والوجه في اللغة مستقبل كل شئ لأنه أول ما يواجه منه كما يقال لأول الثوب وجه الثوب، وقال: قال ابن عباس وجه النهار أوله وهو صلاة الصبح، واكفروا آخره يعني صلاة الظهر وتقريره أنه صلى الله عليه وآله كان يصلي إلى بيت المقدس بعد أن قدم المدينة، ففرح اليهود بذلك، و طمعوا أن يكون منهم فلما حوله الله إلى الكعبة كان ذلك عند صلاه الظهر، وقال كعب بن الأشرف وغيره: آمنوا بالذي انزل على الذين آمنوا وجه النهار يعني آمنوا بالقبلة التي صلى إليها صلاة الصبح فهي الحق، واكفروا بالقبلة التي صلى إليها صلاة الظهر وهي آخر النهار فهي الكفر.
ثم روى رواية أخرى وهي أنه لما حولت القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم، فقال بعضهم لبعض: صلوا إلى الكعبة في أول النهار، ثم اكفروا بهذه القبلة في آخر النهار وصلوا إلى الصخرة، لعلهم يقولون إن أهل الكتاب أصحاب العلم فلولا أنهم عرفوا بطلان هذه القبلة لما تركوها فحينئذ يرجعون عن هذه القبلة.
وقال الطبرسي - ره -: وجه النهار أوله ثم ذكر تلك الروايات مجملا ونحوه ذكر البيضاوي وغيره من المفسرين.
الثالثة عشرة: قوله سبحانه (فالق الاصباح وجاعل الليل سكنا) (1) فان ظاهر التقابل بين الاصباح والليل عدم كون الصبح منه، قال الرازي: قال الليث الصبح والصباح هما أول النهار، وهو الاصباح أيضا، قال تعالى (فالق الاصباح) أي الصبح، وقيل الاصباح مصدر سمي به الصبح، وقال الطبرسي - ره -: نبه الله سبحانه على عظيم نعمته بأن جعل الليل للسكون، والنهار للتصرف، ودل بتعاقبهما