الماء وكنتم محدثين بالحدث الأصغر أو الأكبر فتيمموا فيوافق القرائن و ويطابق النظائر.
هذا بالنظر إلى ظاهر الآية مع قطع النظر عن الخبر، وقد مر في الخبر أن المراد بالقيام القيام من النوم فلا إشكال، فيكون وجوب الوضوء بغير حدث النوم مستفادا من الأخبار، كما أن وجوب الغسل بغير الجنابة مستفاد من محل آخر، وأهل البيت أدرى بما نزل عليهم من غيرهم.
وأما الآية الثانية: فقوله تعالى: " إنه لقرآن " (1) جواب للقسم في قوله سبحانه " فلا أقسم بمواقع النجوم " ومعنى كونه كريما أنه كثير النفع، لتضمنه أصول العلوم المهمة من أحوال المبدء والمعاد، واشتماله على ما فيه صلاح معاش العباد، أو لأنه يوجب عظيم الأجر لتاليه ومستمعه، والعامل بأحكامه، أو أنه جليل القدر بين الكتب السماوية لامتيازه عنها بأنه معجز باق على ممر الدهور والأعصار.
وقوله: " في كتاب مكنون " أي مصون، وهو اللوح المحفوظ، وقيل:
هو المصحف الذي بأيدينا، والضمير في " لا يمسه " يمكن عوده إلى القرآن، و إلى الكتاب المكنون، على كل من تفسيريه، واستدل بالأول على منع المحدث من مس خط المصحف، وبثاني شقي الثاني على المنع من مس ورقه، بل لجلده أيضا فأما مس خط المصحف فقال الشيخ في المبسوط بكراهته ونسب العلامة في المختلف القول بالكراهة إلى ابن إدريس وابن البراج أيضا وحرمه الشيخ في التهذيب والخلاف، وبه قال أبو الصلاح والمحقق والعلامة، وهو الظاهر من كلام الصدوق في الفقيه.
واحتج القائلون بالتحريم بهذه الآية وقالوا إن قوله تعالى " لا يمسه " لا يمكن أن يكون محمولا على الخبرية والنفي، وإلا يلزم الكذب، فلا بد من حمله على الانشاء والنهي، وظاهر النهي التحريم، وأورد عليه بأنه موقوف على إرجاع