قراءة حمزة والكسائي مع أن حرف العطف هناك موجود، وليست معطوفة على " أكواب " بل على " ولدان " لأنهن طائفات بأنفسهن وجاء أيضا في قول الشاعر:
فهل أنت إن ماتت أتانك راحل * إلى آل بسطام بن قيس فخاطب بعطف خاطب على راحل، وجره بجوار قيس.
قلنا: أما الآية الكريمة فليس جر " حور عين " فيها بالجوار، كما ظننت بل إنما هو بالعطف على " جنات " أي هم في جنات ومصاحبة حور عين، أو على أكواب إما لأن معنى " يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب ": ينعمون بأكواب، كما في الكشاف وغيره، أو لأنه يطاف بالحور عليهم مثل ما يجاء بسراري الملوك إليهم كما في تفسير الكواشي وغيره، ودعوى كونهن طائفات بأنفسهن لا مطافا بهن لم يثبت بها رواية، ولا يشهد بها دراية.
وأما البيت فبعد تسليم كونه من قصيدة مجرورة القوافي (1) فلا نسلم كون لفظة خاطب اسم الفاعل، لجواز كونها فعل أمر أي فخاطبني وأجبني عن سؤالي وإن سلمنا ذلك فلا نسلم كونها مجرورة لكثرة الاقواء في شعر العرب العرباء حتى قل أن يوجد لهم قصيدة سالمة عنه، كما نص عليه الأدباء فلعل هذا منه، وإن سلمنا كونها مجرورة بالجوار، فلا يلزم من وقوع جر الجوار مع العطف في الشعر جوازه في غيره [إذ يجوز في الشعر لضرورة الوزن أو القافية ما لا يجوز في غيره] (2).
وأما المحمل الثالث الذي تمحله صاحب الكشاف، فلا يخفى ما فيه من التعسف الشديد، والتمحل البعيد، ومن ذا الذي قال بوجوب الاقتصاد في غسل الرجلين؟ وأي إسراف يحصل بصب الماء عليها؟ ومتى ينتقل المخاطبون بعد عطفها على الرؤوس الممسوحة وجعلها معمولة لفعل المسح إلى أن المراد غسلها