بالعمل الصالح ولاية أهل البيت عليهم السلام كما ورد في تأويل كثير من الآيات، وظاهر أن بالايمان يستدل على الولاية، وبها يعمر الفقه لاخذه عنهم.
" وبالفقه يرهب الموت " أي كثرة العلم واليقين سبب لزيادة الخشية كما قال تعالى: " إنما يخشى الله من عباده العلماء " (1) فالمراد بخشية الموت خشية ما بعد الموت، أو يخشى نزول الموت قبل الاستعداد له ولما بعده، فقوله: " و بالموت تختم الدنيا " كالتعليل لذلك لان الدنيا التي هي مضمار العمل، تختم بالموت، فلذا يرهبه لحيلولته بينه وبين العمل، والاستعداد للقاء الله، لا لحب الحياة واللذات الدنيوية، والمألوفات الفانية " وبالدنيا تجوز القيامة " هذه الفقرة أيضا كالتعليل لما سبق، أي إنما ترهب الموت لان بالدنيا والأعمال الصالحة المكتسبة فيها تجوز من أهوال القيامة، وتخرج عنها إلى نعيم الأبد، بأن يكون على صيغة الخطاب من الجواز، وفي بعض النسخ بصيغة الغيبة أي يجوز المؤمن أو الانسان، وفي بعضها يجاز على بناء المجهول، وهو أظهر، وفي بعضها يحاز بالحاء المهملة من الحيازة أي تحاز مثوبات القيامة، وعلى التقادير فالوجه فيه أن كل ما يلقاه العبد في القيامة فإنها هو نتائج عقائده وأعماله وأخلاقه المكتسبة في الدنيا، فبالدنيا تجاز القيامة أو تحاز، ومنهم من قرأ تحوز بالحاء المهملة، أي سبب الدنيا وأعمالها تجمع القيامة الناس للحساب والجزاء، فان القيامة جامع الحلبة كما مر وفي التحف " تحذر القيامة " وكأنه أظهر.
" وبالقيامة تزلف الجنة " أي تقرب للمتقين كما قال تعالى " وأزلفت الجنة للمتقين " وفي المجالس " وتزلف الجنة للمتقين وتبرز الجحيم للغاوين " وقال:
البيضاوي (2): " وأزلفت الجنة للمتقين " بحيث يرونها من الموقف فيتبجحون بأنهم المحشورون إليها، و " برزت الجحيم للغاوين " فيرونها مكشوفة ويتحسرون على أنهم المسوقون إليها، وفي اختلاف الفعلين ترجيح لجانب الوعد انتهى.