فالامر واجب وإن كان مندوبا فالامر مندوب " والنهي عن المنكر " أي ما أنكره الشارع وعده قبيحا، وهما مشروطان بالعلم بكونه معروفا أو منكرا، وتجويز التأثير، وعدم المفسدة، وهما يجبان باليد واللسان والقلب " والصدق في المواطن " أي ترك الكذب على كل حال إلا مع خوف الضرر، فيوري فلا يكون كذبا والمواطن مواضع جهاد النفس، وجهاد العدو، وجهاد الفاسق بالأمر والنهي، و مواطن الرضا والسخط والضر والنفع ما لم يصل إلى حد تجويز التقية، وأصل الصدق والكذب أن يكونا في القول ثم في الخبر من أصناف الكلام كما قال تعالى " ومن أصدق من الله قيلا " " ومن أصدق من الله حديثا " (1) وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام كقول القائل: أزيد في الدار، لتضمنه كونه جاهلا بحال زيد، وكما إذا قال: واسني، لتضمنه أنه محاج إلى المواساة، ويستعملان في أفعال الجوارح، فيقال: صدق في القتال إذا وفى حقه، وصدق في الايمان إذا فعل ما يقتضيه من الطاعة، فالصادق الكامل من يكون لسانه موافقا لضميره، وفعله مطابقا لقوله، ومنه الصديق حيث يطلق على المعصوم فيحتمل أن يكون الصدق هنا شاملا لجميع ذلك.
" وشنآن الفاسقين " الشنآن بالتحريك والسكون وقد صحح بهما في النهج:
البغض، يقال: شنئه كسمعه، ومعه شنئا مثلثة وشنائة وشنآنه، وهذا أولى مراتب النهي عن المنكر، وقيل: هو مقتضى الايمان ويجب على كل حال وليس داخلا في النهي عن المنكر " شد ظهر المؤمن " وفي النهج " ظهور المؤمنين " وشد الظهر كناية عن التقوية. كما أن قصم الظهر كناية عن ضدها، والامر بالمعروف يقوي المؤمن لأنه يريد ترويج شرايع الايمان، وعسى أن لا يتمكن منه.
" أرغم أنف المنافق " إرغام الانف كناية عن الاذلال، وأصله إلصاق الانف بالرغام، وهو التراب، ويطلق على الاكراه على الامر، ويقال: فعلته على رغم أنفه أي على كره منه، والرغم مثلثة الكره، والمنكر مطلوب للمنافقين