المنار " شبه الأعمال الصالحة والعبادات الموظفة، بالأعلام والمنائر التي تنصب على طريق السالكين لئلا يضلوا فمن اتبع الشريعة النبوية وأتى بالفرائض والنوافل يهديه الله للسلوك إليه، وبالعمل يقوى إيمانه، وبقوة الايمان يزداد عمله، و كلما وصل إلى علم يظهر له علم آخر، ويزداد يقينه بحقية الطريق إلى أن يقطع عمره، ويصل إلى أعلا درجات كماله بحسب قابليته التي جعلها الله له، أو شبه الايمان بالطريق، والأعمال بالأعلام، فكما أن بسلوك الطريق تظهر الاعلام فكذلك بالتصديق بالله ورسله وحججه عليهم السلام تعرف الأعمال الصالحة، وقيل: الأعمال الصالحة علامات لاسلام المسلم، وبها يستدل على إيمانه ولا يتم حينئذ التشبيه.
" والفقه مصابيحه " الفقه العلم بالمسائل الشرعية أو الأعم، وبه يرى طريق السلوك إلى الله وأعلامه، وهو ناظر إلى قوله " ذاكي المصباح " إذ علوم الدين وشرايعه ظاهرة واضحة للناس بالأنبياء والأوصياء عليهم السلام وبما أفاضوا عليهم من العلوم الربانية.
" والدنيا مضماره " قال ابن أبي الحديد: (1) كأن الانسان يجري في الدنيا إلى غاية الموت وإنما جعلها مضمار الاسلام، لان السلم يقطع دنياه لا لدنياه بل لاخرته، فالدنيا كالمضمار للفرس إلى الغاية المعينة " والموت غايته " قد عرفت وجه تشبيه الموت بالغاية، وقال ابن أبي الحديد: أي إن الدنيا سجن المؤمن و بالموت يخلص من ذلك السجن، وقال ابن ميثم (2) إنما جعل الموت غاية أي الغاية القريبة التي هي باب الوصول إلى الله تعالى، ويحتمل أن يريد بالموت موت الشهوات فإنها غاية قريبة للاسلام أيضا وهذا ناظر إلى قوله رفيع الغاية، وفي سائر الكتب هذه الفقرة مقدمة على السابقة، فالنشر على ترتيب اللف، وعلى ما في الكتاب يمكن أن يقال لعل التأخير هنا لأجل أن ذكر الغاية بعد ذكر المضمار أنسب بحسب الواقع، والتقديم سابقا باعتبار الرفعة والشرف، وأنها الفائدة المقصودة، فأشير