إلى الجهتين الواقعيتين بتغيير الترتيب.
" والقيامة حلبته " أي محل اجتماع الحلبة إما للسباق أو لحيازة السبقة كما مر وإطلاق الحلبة عليها من قبيل تسمية المحل باسم الحال، وقال ابن أبي - الحديد: حلبته أي ذات حلبته، فحذف المضاف كقوله تعالى: " هم درجات عند الله " (1) أي ذووا درجات " والجنة سبقته " في أكثر نسخ النهج سبقته بالفتح فلذا قال الشراح:
أي جزاء سبقته، فحذف المضاف والظاهر سبقته بالضم فلا حاجة إلى تقدير كما عرفت " والنار نقمته " أي نصيب من تأخر ولم يحصل له استحقاق للسبقة أصلا النار زائدا عن الحسرة والحرمان " والتقوى عدته " ناظر إلى قوله " كامل العدة " لان التقوى تنفع في أشد الأهوال وأعظمها وهو القيامة، كما أن العدة من المال و غيره تنفع صاحبها عند الحاجة إليها " والمحسنون فرسانه " لأنهم بالاحسان و الطاعات يتسابقون في هذا المضمار.
" فبالايمان يستدل على الصالحات " إذ تصديق الله ورسوله وحججه يوجب العلم بحسن الأعمال الصالحة وكيفيتها من واجبها وندبها، وقيل: لان الايمان منهج الاسلام وطريقه، ولا بد للطريق من زاد يناسبه، وزاد طريق الاسلام هو الأخلاق والأعمال الصالحة، فيدل الايمان عليها كدلالة السبب على المسبب وقيل: أي يستدل بوجوده في قلب العبد على ملازمته لها انتهى، وكأنه حمل الكلام على القلب وإلا فلا معنى للاستدلال بالامر المخفي في القلب على الامر الظاهر نعم يمكن أن يكون المعنى أن بالايمان يستدل على صحة الأعمال وقبولها فإنه لا تقبل أعمال غير المؤمن، وهذا معنى حسن لكن الأول أحسن.
" وبالصالحات تعمر الفقه " لان العمل يصير سببا لزيادة العلم، كما أن من بيده سراجا إذا وقف لا يرى إلا ما حوله، وكلما مشى ينتفع بالضوء ويرى ما لم يره، كما ورد: من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم وقد مر أن العلم يهتف بالعمل فان أجاب وإلا ارتحل عنه (2) وقيل: الفقرتان مبنيتان على أن المراد