من أجزاء الايمان، وهو الاقرار الظاهري، فهو بمنزلة إقرار الانسان على نفسه فإنه لا يكلف بينة على إقراره، بل يحكم بمحض الاقرار عليه، وإن شهدت البينة على خلافه، بخلاف إظهار الايمان والتكلم به، فإنه وإن أتى بجزء من الايمان وهو الاقرار الظاهري، لكن عمدة أجزائه التصديق القلبي، وهو في ذلك مدع لا بد له من شاهد من عمل الجوارح عند الناس، ومن النية والتصديق عند الله، فإذا اتفق الشاهدان، وهما التصديق والعمل، ثبت إيمانه عند الله، ولما كان التصديق القلبي أمرا لا يطلع عليه غير الله، لم يكلف الناس في الحكم بايمانه إلا بالاقرار الظاهري والعمل، فإنهما شاهدان عدلان يحكم بهما ظاهرا وإن كانا كاذبين عند الله.
والحاصل أنه عليه السلام شبه الاقرار الظاهري بالدعوى في سائر الدعاوي وكما أن الدعوى في سائر الدعاوي لا تقبل إلا ببينة، فكذا جعل الله تعالى هذه الدعوى غير مقبولة إلا بشاهدين من قلبه وجوارحه، فلا يثبت عنده إلا بهما، وأما عند الناس فيكفيهم في الحكم الاقرار والعمل الظاهري، كما يكتفي عند الضرورة بالشاهد واليمين، فالايمان مركب من ثلاثة أجزاء ولا يثبت الايمان الواقعي إلا يتحقق الجميع، فهو من هذه الجهة يشبه سائر الدعاوي للزوم ثلاثة أشياء في تحققها:
الدعوى، والشاهدين، ويمكن أن يكون الأصل في الايمان الامر القلبي ولما لم يكن ظهوره للناس إلا بالاقرار والعمل، فجعلهما الله من أجزء الايمان أو من شرائطه ولوازمه " وقد أصاب " أي حكم بالحكم والصواب.
56 - الكافي (1): عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت، هل يخرجه ذلك من الاسلام، وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين أم له مدة وانقطاع؟ فقال عليه السلام: من ارتكب كبيرة من الكبائر، فزعم أنها حلال أخرجه ذلك من الاسلام، وعذب أشد العذاب، وإن كان معترفا أنه أذنب