الطوسي قدس سره نقل في قواعد العقائد أن الاسلام أعم في الحكم من الايمان لكنه في الحقيقة هو الايمان، وهذه عبارته رحمه الله تعالى:
" قالوا الاسلام أعم في الحكم من الايمان، لان من أقر بالشهادتين كان حكمه حكم المسلمين، لقوله تعالى " قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا " (1) وأما كون الاسلام في الحقيقة هو الايمان، فلقوله تعالى " إن الدين عند الله الاسلام " (2) ثم قال: واختلفوا في معناه يعني الايمان فقال بعض السلف كذا وقالت المعتزلة: أصول الايمان خمسة وعدها، وقالت الشيعة: أصول الايمان ثلاثة وعدها أيضا وقال أهل السنة: هو التصديق بالله تعالى إما على ما تقدم تفصيله فليراجع.
أقول ظاهره قوله رحمه الله: " قالوا " أي هؤلاء المختلفون في معنى الايمان كما يدل عليه قوله " واختلفوا " وظاهر هذا النقل يعطي أنه لا نزاع في أن حقيقتهما واحدة والمغايرة إنما هي في الحكم فقط بمعنى أنا قد نحكم على شخص في ظاهر الشرع بكونه مسلما لاقراره بالشهادتين ولا نحكم عليه بالايمان حتى نعلم من حاله التصديق وما نقلناه من المذهبين الأولين يقتضي وقوع النزاع في الحقيقة والحكم.
أما أهل المذهب الأول وهم القائلون باتحادهما مطلقا صدقا ومفهوما أو صدقا فقط، فإنهم صرحوا باتحادهما في الحكم أيضا حيث قالوا: لا يصح في الشرع أن يحكم على أحد بأنه مؤمن وليس بمسلم، أو مسلم وليس بمؤمن، ولا نعني بوحدتهما سوى هذا وأما أهل المذهب الثاني وهم القائلون بالتغاير، فإنهم صرحوا بتغايرهما صدقا ومفهوما وحكما، حيث قالوا: إن حقيقة الاسلام هي الانقياد والاذعان باظهار الشهادتين، سواء اعترف مع ذلك بباقي المعارف أم لا، فيكون أعم مفهوما من الايمان، فتبين مما حررناه أن المذاهب في بيان حقيقة الاسلام ثلاثة.
احتج أهل المذهب الأول بقوله تعالى " فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين " (3) وجه الاستدلال أن " غير " هذا للاستثناء بمعنى