كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فهم يعطون الرجاء وعلى هذا ينبغي أن لا يهمز لفظ المرجئة، وفرقهم خمس اليونسية، أصحاب يونس النميري قالوا الايمان هو المعرفة بالله، والخضوع له، والمحبة بالقلب، فمن اجتمعت فيه هذه الصفات فهو مؤمن، و لا يضر معها ترك الطاعات وارتكاب المعاصي ولا يعاقب عليها والعبيدية أصحاب العبيد المكذب، زادوا على اليونسية أن علم الله لا يزال شيئا معه غيره، وأنه تعالى على صورة الانسان، والغسانسية أصحاب غسان الكوفي قالوا: الايمان هو المعرفة بالله ورسوله، وبما جاء من عندهما إجمالا لا تفصيلا، وهو لا يزيد ولا ينقص وغسان كان يحكيه عن أبي حنيفة وهو افتراء عليه فإنه لما قال: الايمان هو التصديق ولا يزيد ولا ينقص ظن به الارجاء بتأخير العمل عن الايمان، والثوبانية أصحاب ثوبان المرجي قالوا: الايمان هو المعرفة والاقرار بالله ورسوله، وبكل ما لا يجوز في العقل أن يعقله، وأما ما جاز في العقل أن يعقله فليس الاعتقاد به من الايمان، وأخروا العمل كله من الايمان، والثومنية أصحاب أبي معاذ الثومني قالوا: الايمان هو المعرفة والتصديق والمحبة والاخلاص والاقرار بما جاء به الرسول، وترك كله أو بعضه كفر وليس بعضه إيمانا ولا بعض إيمان وكل معصية لم يجمع على أنه كفر فصاحبه يقال إنه فسق وعصى، وأنه فاسق، ومن ترك الصلاة مستحلا كفر لتكذيبه بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله ومن تركها بنية القضاء لم يكفر، وقالوا السجود للصنم ليس كفرا بل هو علامة الكفر، فهذه في المرجئة الخالصة، ومنهم من جمع إلى الارجاء القدر انتهى.
قوله " كما أن الكافر " كأنه قاس الايمان بالكفر فان من أنكر ضروريا من ضروريات الدين ظاهرا من غير تقية فهو كافر، وإن لم يعتقد ذلك، فإذا أقر بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله يجب أن يكون مؤمنا غير معذب، وإن لم يعتقد بقلبه شيئا من ذلك، ولم يضم إليه أفعال الجوارح من الطاعات وترك المعاصي، فأجاب عليه السلام بأنه مع بطلان القياس لا سيما في المسائل الأصولية فهو قياس مع الفارق، ثم شبه عليه السلام الامرين بالاقرار والانكار، ليظهر الفرق فان إنكار الضروري مستلزم لترك جزء