العذاب " (1) ومن وصلت إليه الدعوة فصدقها بلسانه وقلبه، ولكن لا يكون علي بصيرة من دينه، إما لسوء فهمه مع استبداده بالرأي، وعدم تابعيته للامام، أو نائبه المقتفي أثره حقا وإما لتقليد وتعصب للآباء والاسلاف المستبدين بآرائهم مع سوء أفهامهم، أو غير ذلك، فهو كافر كفر ضلالة، وعذابه على قدر ضلالته و قدر ما يضل فيه من أمر الدين وإليهم الإشارة بقوله عز وجل " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق " (2) حيث قالوا عزير ابن الله أو المسيح ابن الله وبقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " (3) وبقول نبينا صلى الله عليه وآله: اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا.
ومن وصلت إليه الدعوة فصدقها بلسانه وقلبه على بصيرة واتباع للامام أو نائبه الحق إلا أنه لم يمتثل جميع الأوامر والنواهي، بل أتى ببعض دون بعض بعد أن اعترف بقبح ما يفعله، ولكن لغلبة نفسه وهواه عليه، فهو فاسق عاص، والفسق لا ينافي أصل الايمان، ولكن ينافي كماله، وقد يطلق عليه الكفر وعدم الايمان أيضا، إذا ترك كبار الفرائض أو أتى بكبار المعاصي كما في قوله عز وجل " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين " (4) وقول النبي صلى الله عليه وآله: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، وذلك لان إيمان مثل هذا لا يدفع عنه أصل العذاب ودخول النار، وإن دفع عنه الخلود فيها، فحيث لا يفيده في جميع الأحوال فكأنه مفقود.
والتحقيق فيه أن المتروك إن كان أحد الا صول الخمسة التي بني الاسلام عليها، أو المأتي به إحدى الكبائر من المنهيات، فصاحبه خارج عن أصل الايمان أيضا ما لم يتب أو لم يحدث نفسه بتوبة، لعدم اجتماع ذلك مع التصديق القلبي فهو كافر كافر استخفاف، وعليه يحمل ما روي من دخول العمل في أصل الايمان