أقول: فالكلام يحتمل وجوها:
الأول: أن يكون الظرف متعلقا بمعلنا كما في نظائره، والامتداح بمعنى المدح أي لا يمدح معلنا لامامتنا فإنه لتركه التقية لا يستحق المدح.
الثاني: أن يكون الامتداح بمعنى التمدح كما في بعض النسخ أي لا يطلب المدح ولا يمدح نفسه بسب قوله بإمامتنا علانية، وذلك أيضا لترك التقية، وفيه إشعار بأنه ليس بشيعة لنا لتركه أمرنا بل يتكلف ذلك.
الثالث: أن تكون الباء زائدة أي لا يمدحنا معلنا وهو بعيد.
" لنا عائبا " الظرف متعلق بقوله عائبا " ولا يخاصم لنا قاليا " أي مبغضا لنا " وإن لقي جاهلا " كأن المراد به غير المؤمن الكامل أي العالم العامل بقرينة المقابلة فيشمل الجاهل والعالم غير العامل بعلمه، بل الهجران عنه أهم، وضرر مجالسته أتم " فكيف أصنع بهؤلاء المتشيعة " أي الذين يدعون التشيع، وليس لهم صفاته وعلاماته و الكلام يحتمل وجهين:
أحدهما: أن المعنى كيف أصنع بهم حتى يكونوا هكذا؟ فأجاب عليه السلام بأن هذا ليس من شأنك بل الله يمحصهم ويبدلهم.
والثاني: أن المعنى ما أعتقد فيهم؟ فالجواب أنهم ليسوا بشيعة لنا، والله تعالى يصلحهم ويذهب بمن لا يقبل الصلاح منهم.
وفيهم التمييز، قيل كلمة " في " في المواضع للتعليل والظرف خبر للمبتدأ والتقديم للحصر واللام في الثلاثة للعهد إشارة إلى ما روي عن أمير المؤمنين حيث قال: لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم إلى آخر الخبر (1) وأقول: قد روي أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام ويل لطغاة العرب من أمر اقترب، قلت:
جعلت فداك كم مع القائم من العرب، قال: نفر يسير، قلت: والله إن من يصف هذا الامر منهم لكثير! قال: لابد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا