" أنا المدينة " كأن ذكر هذا الخبر لبيان علة اتفاق قلوبهم، فإنهم عاملون بهذا الخبر أو لبيان أن تلك الصفات إنما تنفع إذا كانت مع الولاية، أو لبيان لزوم اختيار تلك الصفات، فإنها من أخلاق مولى المؤمنين، وهو باب مدينة الدين والعلم والحكمة، فلا بد لمن ادعى الدخول في الدين أن يتصف بها.
40 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن محمد بن الحسن زعلان، عن أبي إسحاق الخراساني، عن عمرو بن جميع العبدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
شيعتنا الشاحبون الذابلون الناحلون، الذين إذا جهنم الليل استقبلوه بحزن (1).
بيان: " شيعتنا الشاحبون " وفي نادر من النسخ " السايحون " بالمهملتين بينهما مثناة تحتانية قيل: أي الملازمون للمساجد والسيح أيضا الذهاب في الأرض للعبادة وقال في النهاية: الشاحب المتغير اللون والجسم لعارض من مرض أو سفر ونحوهما، و قال: ذبلت بشرته أي قل ماء جلده وذهبت نضارته، وفي الصحاح ذبل الفرس ضمر وقال: النحول الهزال، وجمل ناحل مهزول، وقال: جن عليه الليل يجن جنونا ويقال: أيضا جنه الليل وأجنه الليل بمعنى.
وأقول: تعريف الخبر باللام للحصر، والحاصل أنه ليس شيعتنا إلا الذين تغيرت ألوانهم من كثرة العبادة والسهر، وذبلت أجسادهم من كثرة الرياضة، أو شفاههم من الصوم، وهزلت أبدانهم مما ذكر: الذين إذا سترهم الليل استقبلوه بحزن أي اشتغلوا بالعبادة فيه مع الحزن للتفكر في أمر الآخرة وأهوالها.
41 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شيعتنا أهل الهدى، وأهل التقى وأهل الخير، وأهل الايمان، وأهل الفتح والظفر (2).
بيان: " أهل الهدى " أي الهداية إلى الدين المبين وهو مقدم على كل شئ ثم أردفه بالتقوى وهو ترك المنهيات ثم بالخير وهو فعل الطاعات ثم بالايمان