من أمتي تستغيث فلا تغاث، وأنت مع ذلك عطشان لا تسقى وظمآن لا تروى.
وقد استباحوا حريمك وذبحوا فطيمك (1) وهم مع ذلك يرجون شفاعتي (لا أنالهم الله شفاعتي) (2) يوم القيامة، يا حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قد قدموا علي وهم إليك مشتاقون، وان لك في الجنان لدرجة عالية، لن تنالها إلا بالشهادة فاسرع إلى درجتك.
فجعل الحسين - عليه السلام - يبكي عنده جده - صلى الله عليه وآله - في منامه، ويقول: يا جداه خذني إليك إلى القبر لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا، والنبي - صلى الله عليه وآله - يقول: لابد من الرجوع إلى الدنيا حتى ترزق الشهادة، لتنال ما كتب لك من السعادة، وإني وأباك وأخاك وأمك نتوقع قدومك عن قريب، ونحشر جميعا في زمرة واحدة.
قال: فانتبه الحسين - عليه السلام - من نومه فزعا مرعوبا فقص رؤياه على أهل بيته، فلم يكن في ذلك اليوم أشد غما من أهل البيت ولا أكثر باكيا.
قال: فالتفت الحسين - عليه السلام - إلى ابن عباس - رضي الله عنه - وقال له: ما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت نبيهم عن وطنه وداره وقراره وحرم جده، وتركوه خائفا مرعوبا لا يستقر في قرار، ولا يأوي إلى جوار، يريدون بذلك قتله وسفك دمائه، ولم يشرك بالله شيئا ولم يرتكب منكرا ولا إثما.