كله منه، وانطلق على بركة الله تعالى، فإذا رأيته فاقرأ آية السخرة، وتعوذ بالله من كيده وكيد الشيطان، فإذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كله، ولا تستأنس به.
ثم قل له إن أخويك في الدين، وابني عميك (1) (في القرابة) (2) يناشدانك القطيعة، ويقولان لك: أما تعلم إنا تركنا الناس لك، وخالفنا عشائرنا فيك منذ قبض الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وآله، فلما نلت أدنى (مناك) (3)، ضيعت حرمتنا، وقطعت رجاءنا، ثم قد رأيت أفعالنا فيك وقدرتنا على النأي عنك، وسعة البلاد دونك، وإن من كان يصرفك عنا وعن صلتنا كان أقل لك نفعا، وأضعف عنك دفعا منا، وقد وضح الصبح لذي عينين، وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا، فما الذي يحملك على ذلك؟! فقد كنا نرى إنك أشجع فرسان العرب، أتتخذ اللعن لنا دينا، وترى أن ذلك يكسرنا عنك.
فلما أتى خداش (إلى) (4) أمير المؤمنين عليه السلام صنع ما أمراه، فلما نظر إليه علي عليه السلام وهو يناجي نفسه ضحك، وقال: هاهنا يا أخا عبد قيس وأشار له إلى مجلس قريب منه.
فقال: ما أوسع المكان، أريد أن أؤدي إليك رسالة.
قال: بل تطعم وتشرب وتحل (5) ثيابك وتدهن، ثم تؤدي رسالتك، قم يا قنبر فأنزله.
قال: ما بي إلى شئ مما ذكرت حاجة، قال فأخلو بك؟
قال: كل سر لي علانية.