بان يقال لعنة الله تعرض لقطع اليد في حبل رث أو أداوة خلق أو كبة شعر فكل ما كان من ذلك حقير كان أبلغ. قال والوجه في الحديث ان الله تعالى لما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم (والسارق والسارقة) الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده على ظاهر ما أنزل عليه في ذلك الوقت ثم أعلمه الله تعالى بعد ان القطع لا يكون إلا في ربع دينار فما فوقه ولم يكن عليه الصلاة والسلام يعلم من حكم الله تعالى إلا ما أعلمه الله تعالى ولا كان الله يعرفه ذلك جملة بل يبين له شيئا بعد شئ. [قال المرتضي] رضي الله عنه ووجدت أبا بكر الأنباري يقول ليس الذي ذكر ابن قتيبة على تأويل الخبر بشئ قال لأن البيضة من السلاح ليست علما في كثرة الثمن ونهاية علو القيمة فتجري مجرى العقد من الجوهر والجراب من المسك الذين يساويا الألوف من الدنانير والبيضة من السلاح ربما اشتريت بأقل مما يجب فيه القطع وإنما أراد عليه الصلاة والسلام أنه يكتسب قطع يده بما لا غناء له به لان البيضة من السلاح لا يستغنى بها أحد والجوهر والمسك في اليسير منهما غناء. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه والذي نقوله ان ما طعن به ابن الأنباري على كلام ابن قتيبة متوجه وليس في ذكر البيضة والحبل تكثير كما ظن فيشبه العقد والجراب من المسك غير أنه يبقى في ذلك أن يقال أي وجه لتخصيص البيضة والحبل بالذكر وليس هما النهاية في التقليل وإن كان كما ذكره ابن الأنباري من أن المعنى انه ليسرق ما لا يستغنى به فليس ذكر ذلك بأولى من غيره فلابد من ذكر وجه في ذلك. وأما تأويل ابن قتيبة فباطل لان النبي عليه الصلاة والسلام لا يجوز أن يقول ما حكاه عند سماع قوله تعالي (والسارق والسارقة) لان الآية مجملة مفتقرة إلى بيان ولا يجوز أن يحملها أو يصرفها إلي بعض محتملاتها دون بعض بلا دلالة على أن أكثر من قال إن الآية مجملة وان ظاهر القول يقتضي العموم ويذهب إلى أن تخصيصها بسارق دون سارق لم يتأخر عن حال الخطاب بها فكيف يصح ما قاله ابن الأنباري ان الآية تقدمت ثم تأخر تخصيص السارق ولو كان ذلك كما ظن لكان المتأخر ناسخا للأول وعلى تأويله هذا يقتضى أن يكون كل الخبر منسوخا وإذا أمكن تأويل أخباره عليه الصلاة والسلام على ما لا يقتضى
(٩٤)