هارون قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال كان محمد بن منصور بن زياد الملقب بفتي العسكر يميل إلى الأصمعي ويفضله ويقوم بأمره قال فجئته يوما بعد موت محمد وعنده عبد كان لمحمد أسود وقد ترك الناس وأقبل عليه وسائله وتحفى به وحادثه فلما خرج لمته على ذلك وقلت من هذا حتى أفنيت عمر يومك به فقال هذا غلام ابن منصور ثم أنشدني وقالوا يا جميل أتى أخوها * فقلت أتى الحبيب أخو الحبيب أحبك والقريب بنا بعيد * لأن ناسبت بثنة من قريب فقلت له وكنت أفعل هذا كثيرا به لإستجر كلامه وعلمه يا أبا سعيد ذلك أخوها وهذا غلامها فضحك وقال أنشد أبو عمرو أو قال غيره أري كل ارض أوطنتها وإن خلت * لها حجج تندى بمسك ترابها حلفت بأنى لو أرى تبعا لها * ذئاب الفضي حنت إلي ذئابها قال فجعلت أعجب من قرب لسانه من قلبه وإجادة حفظه له متى أراده.. وبهذا الاسناد عن إسحاق الموصلي قال قرأت على الأصمعي شعر امرئ القيس فلما بلغت إلى هذا البيت أمن أجل أعرابية حل أهلها * بروض الشرى عيناك تبتدران فقال لي أتعرف في هذا البيت خبئا باطنا غير ظاهر قلت لا فسكت عنى فقلت إن كان فيه شئ فأفدينه قال نعم أما يدلك البيت على أنه لفظ ملك مستهين ذي قدرة على ما يريد قال اسحق وما رأيت قط مثل الأصمعي في العلم بالشعر.. وروى عن إسحاق أيضا أنه قال قال لي الأصمعي ما يعنى امرؤ القيس بقوله فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع * فألهيتها عن ذي تمائم محول فقلت تخبرني فقال كان مفركا فيقول ألهيت هؤلاء عن كراهتهن للرجال فيكف انا عند المحبات لهم.. وروى أن السبب الذي هاج التنافر بين الأصمعي وابن الاعرابي ان
(١٤٨)