الأصمعي دخل يوما على سعيد بن سلم وابن الاعرابي حينئذ يؤدب ولده فقال لبعضهم أنشد أبا سعيد فأنشد الغلام أبياتا لرجل من بني كلاب رواه إياها ابن الاعرابي رأت نضو أسفار أميمة شاحبا * على نضو أسفار فجن جنونها فقالت من اي الناس أنت ومن تكن * فإنك راعى صرمة لا يزينها فقلت لها ليس الشحوب علي الفتي * بعار ولا خير الرجال سمينها عليك براعي ثلة مسلحبة * يروح عليها مخضها وحقينها سمين الضواحي لم تؤرقه ليلة * وأنعم أبكار الهموم وعونها ورفع ليلة فقال له الأصمعي من رواك هذا فقال مؤدبي فأحضره فاستنشده فأنشده ورفع ليلة فأخذ ذلك عليه وفسر البيت فقال إنما أراد انه لم تؤرقه ليلة أبكار الهموم وعونها وأنعم أي زاد على هذه الصفة.. وقوله - سمين الضواحي - أي ما ظهر منه وبدا سمين ثم قال الأصمعي لابن سلم من لم يحسن هذا المقدار فليس بموضع لتأديب ولد الملوك .. وأخبرنا المرزباني قال حدثنا أحمد بن محمد المكي قال حدثنا أبو العيناء قال حدثنا الأصمعي قال ولد بشار بن برد أكمه لم ينظر إلى الدنيا قط وكان ذا فطنة وذكاء فقلت له يوما من أين لك هذا الذكاء قال من قدم العمى وعدم المناظر يمنع من كثير من الخواطر المذهلة فيكسب فراغ الذهن وصحة الذكاء وأنشد لنفسه يفخر بالعمى عميت جنينا والذكاء من العمى * فجئت عجيب الظن للعلم موئلا وغاض ضياء العين للعقل رافدا * بقلب إذا ما ضيع الناس حصلا وشعر كنور الروض لا أمت بينه * بقول إذا ما أحزن الشعر أسهلا وأخبرنا المرزباني قال أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا أبو العيناء قال حدثنا
(١٤٩)