بغير الفسق المذكور في الآية فلا معنى لقوله تعالى إذا أردنا أمرنا لان أمره بما يأمر به لا يحسن ارادته العقاب المستحق بما تقدم من الافعال وإن كانت الإرادة متعلقة بالإهلاك بمخالفة الامر المذكور في الآية فهذا الذي يأبونه لأنه يقتضي أنه تعالى مريد لاهلاك من لم يستحق ذلك العقاب.. والجواب عن ذلك أنه تعالى لم يعلق الإرادة الا بإهلاك مستحق بما تقدم من الذنوب والذي حسن قوله تعالى وإذا أردنا أمرنا هو أن يكون الامر بالطاعة والايمان اعذارا إلى العصاة وانذارا لهم وايجابا واثباتا للحجة عليهم حتى يكونوا متى خالفوه وأقاموا على العصيان والطغيان بعد تكرار الوعظ والوعيد والانذار ممن يحق عليه القول وتجب عليه الحجة ويشهد بصحة هذا التأويل قوله تعالى قبل هذه الآية * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) *.. والوجه الثاني في تأويل هذه الآية أن يكون قوله تعالى أمرنا مترفيها من صفة القرية وصلتها ولا يكون جوابا لقوله تعالى وإذا أردنا ويكون تقدير الكلام وإذا أردنا أن نهلك قرية من صفتها انا أمرنا مترفيها ففسقوا فيها وتكون إذا علي هذا الجواب لم يأت لها جواب ظاهر في الآية للاستغناء عنه بما في الكلام من الدلالة عليه.. ونظير هذا قوله تعالى في صفة الجنة * (حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين) * ولم يأت لا ذا جواب في طول الكلام للاستغناء عنه ويشهد أيضا لصحة هذا الجواب قول الهذلي حتى إذا سلكوهم في قتائدة * شلا كما تطرد الجمالة الشردا (1) فحذف جواب إذا ولم يأت به لأن هذا البيت آخر القصيدة.. والوجه الثالث أن يكون ذكر الإرادة في الآية مجازا واتساعا وتنبيها على المعلوم من حال القوم وعاقبة أمرهم وانهم متى أمروا فسقوا وخالفوا ويجري ذكر الإرادة ههنا مجرى قولهم إذا
(٣)