وإن كان مقطوع اليد فان هذا المعني لا يليق بهذا الموضع قال لان العقوبات من الله لا تكون الا وفقا للذنوب وبحسبها واليد لا مدخل لها في نسيان القرآن فكيف يعاقب فيها واستشهد بقوله تعالى * (الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) * وزعم أن تأويل الآية أن الربا إذا أكلوه ثقل في بطونهم وربا في أجوافهم فجعل قيامهم مثل قيام من يتخبطه الشيطان تعثرا وتخبلا واستشهد أيضا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله رأيت ليلة أسري بي قوما تقرض شفاههم وكلما قرضت وفيت فقلت يا جبريل من هؤلاء فقال لي جبريل هؤلاء خطباء أمتك تقرض شفاههم لأنهم يقولون ما لا يفعلون.. قال والأجذم في الخبر إنما هو المجذوم وإنما جاز ان يسمى المجذوم أجذم لأن الجذام يقطع أعضاءه ويشذ بها والجذم القطع.. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه وقد أخطأ الرجلان جميعا وذهبا عن الصواب ذهابا بعيدا وإن كان غلط ابن قتيبة أفحش وأقبح لأنه علل غلطه فأخرجه إلى أغاليط كثيرة ونحن نبين معنى الخبر ثم نتكلم على ما أورداه.. أما معنى الخبر فهو ظاهر لمن كان له أدنى معرفة بمذاهب العرب في كلامها وإنما أراد عليه الصلاة والسلام بقوله يحشر أجذم المبالغة في وصفه بالنقصان عن الكمال وفقد ما كان عليه بالقرآن من الزينة والجمال والتشبيه له بالأجذم من حسن التشبيه وعجيبه لأن اليد من الأعضاء الشريفة التي لا يتم كثير من التصرف ولا يوصل إلى كثير من المنافع الا بها ففاقدها يفقد ما كان عليه من الكمال وتفوته المنافع والمرافق التي كان يجعل يده ذريعة إلى تناولها وهذه حال ناسي القرآن ومضيعه بعد حفظه لأنه يفقد ما كان لابسا له من الجمال ومستحقا له
(٥)