أراد باللحن ما يخالف الصواب وتبعه على هذا الغلط عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري فذكر في كتابه المعروف بعيون الأخبار أبيات الفزاري واعتذر بها من لحن أصيب في كتابه * وأخبرنا أبو عبيد المرزباني قال أخبرني محمد بن يحيى الصولي قال حدثني يحيى بن علي المنجم قال حدثني أبي قال قلت للجاحظ مثلك في عقلك وعلمك بالأدب ينشد قول الفزاري ويفسره علي انه أراد اللحن في الاعراب وإنما أراد وصفها بالظرف والفطنة وانها توري عما قصدت له وتتنكب التصريح فقال له قد فطنت لذلك بعد قلت فغيره من كتابك فقال كيف لي بما سارت به الركبان قال الصولي فهو في كتابه على خطئه [قال المرتضى] رضي الله عنه ومن حسن اللحن الذي هو التعريض والكناية ما أخبرنا به أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي أن رجلا من بني العنبر حصل أسيرا في بكر بن وائل فسألهم رسولا إلى قومه فقالوا لا ترسل الا بحضرتنا لأنهم كانوا عزموا على غزو قومه فخافوا أن ينذرهم فجئ بعبد أسود فقال له أتعقل فقال نعم اني لعاقل فقال ما أراك عاقلا وأشار بيده إلى الليل فقال ما هذا قال الليل قال أراك عاقلا ثم ملأ كفيه من الرمل فقال كم هذا فقال لا أدرى ولكنه كثير فقال أيما أكثر النجوم أم التراب فقال كل كثير فقال أبلغ قومي التحية وقل لهم ليكرموا فلانا يعني أسيرا كان في أيديهم من بكر فان قومه لي مكرمون وقل لهم ان العرفج قد أدبى (1) وشكت النساء وأمرهم أن يعروا ناقتي الحمراء فقد طال ركوبها وان يركبوا جملي الأصهب بآية ما أكلت معكم حيسا واسألوا أخي الحارث عن خبري فلما أدى العبد الرسالة إليهم قالوا لقد جن الأعور والله ما نعرف له ناقة حمراء ولا جملا أصهب ثم سرحوا العبد ودعوا الحارث فقصوا عليه القصة فقال قد أنذركم أما قوله قد أدبى العرفج يريد ان الرجال قد استلأموا ولبسوا السلاح وقوله شكت النساء أي اتخذن الشكاء للسفر (2) وقوله الناقة الحمراء أي ارتحلوا عن الدهناء واركبوا الصمان (3) وهو الجمل
(١٢)