عنها غافلين) فيكون صرفهم عن هذه الآيات كالمستحسن لتكذيبهم واعراضهم عن آياته تعالى.. وخامسها أن يريد تعالى إني أصرف من رام المنع من أداء آياتي وتبليغها لان من الواجب على الله تعالى أن يحول بين من رام ذلك وبينه ولا يمكن منه لأنه ينقض الغرض في البعثة ويجري ذلك مجرى قوله تعالى (والله يعصمك من الناس) فتكون الآيات ههنا القرآن وما جرى مجراه من كتب الله تعالى التي يحملها الرسل والصرف وإن كان متعلقا في الآية بنفس الآيات فقد يجوز أن يكون المعنى متعلقا بغيرها مما هو يتعلق بها فإذا ساغ أن تعلقه بالثواب والكرامة المستحقين على التمسك بالآيات ساغ أن يعلقه بما يمنع من تبليغها وأدائها وإقامة الحجة بها وعلى هذا التأويل لا يجعل قوله تعالى (ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا) راجعا إلى ما صرف بل يرد إلى ما هو قبله بلا فصل من قوله تعالى (وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا) على ما بيناه في الوجه الثاني من تأويل هذه الآية.. وسادسها أن يكون الصرف ههنا الحكم والتسمية والشهادة ومعلوم ان من شهد على غيره بالانصراف عن شئ فجائز أن يقول صرفه عنه كما يقال أكفره وكذبه وفسقه وكما قال عز من قائل (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم) أي شهد عليها بالانصراف عن الحق والهدى وكقوله تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) وهذا التأويل يطابقه قوله تعالى (ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين) لان الحكم عليهم بما ذكرنا من التسمية يوجب تكذيبهم وغفلتهم عن آيات الله واعراضهم عنها .. وسابعها انه تعالى علم أن الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق سيصرفون عن النظر في آياته والايمان بها إذا أظهرها على أيدي رسله جاز أن يقول سأصرف عن آياتي فيريد سأظهر ما ينصرفون بغير اختيارهم عنه ويجري ذلك مجرى قولهم سأبخل فلانا وأخطئه أي أسأله ما يبخل ببذله وأمتحنه بما يخطئ فيه ولا يكون المعنى إني أفعل فيه البخل والخطأ والآيات على هذا الوجه جائز أن تكون المعجزات دون سائر الأدلة الدالة على الله تعالى وجائز أن تكون جميع الأدلة ويجب على هذا الوجه أن يكون قوله تعالى (ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا) غير راجع إلى قوله تعالى سأصرف بل إلى ما قدمنا ذكره لتصح الفائدة.. وثامنها أن يكون الصرف ههنا معناه المنع من ابطال الآيات والحجج
(٢٢٧)