بنورها ركب الغي واتخذه سبيلا وحاد عن الرشد وضل ضلالا بعيدا ورجوع لفظة ذلك إلى ما ذكرناه أشبه بالظاهر من رجوعها إلى قوله سأصرف لان رجوع اللفظ في اللغة إلى أقرب المذكورين إليه أولى.. ويمكن أن يكون قوله تعالى كذبوا بلفظ الماضي المراد به الاستقبال ويكون وجهه أن التكذيب لما كان معلوما منهم لو أظهرت لهم الآيات جعل كأنه قال ذلك بأنه متى أظهرنا لهم آياتنا كذبوا ويجري ما ذكرناه أولا مجرى قوله تعالى (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة) في أنه بلفظ الماضي والمعنى الاستقبال.. وثالثها أن يكون معنى سأصرف عن آياتي أي لا أوتيها من هذه صفته وإذا صرفهم عنها فقد صرفها عنهم وكلا اللفظتين تفيد معنى واحدا.. وليس لأحد أن يقول هل لا قال سأصرف آياتي عن الذين يتكبرون والآيات ههنا هي المعجزات التي تختص بها الأنبياء.. فان قيل فأي فائدة في قوله على سبيل التعليل ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وأي معنى لتخصيصه الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وهلا تؤتى الآيات والمعجزات إلا الأنبياء دون غيرهم وإن كان ممن لا يتكبر.. قلنا لخروج الكلام مخرج التعليل على هذا التأويل وجه صحيح لأن من كذب بآيات الله لا يؤتي معجزاته لتكذيبه وكفره وإن كان قد يكون غير مكذب ويمنع من اتيانه الآيات علة أخرى والتكبر والبغي بغير الحق مانع من إتيان الآيات وان منع غيره ويجري هذا مجرى قول القائل أنا لا أود فلانا لغدره ولا يلزم إذا لم يكن غادرا أن يوده لأنه ربما خلا من الغدر وحصل على صفة أخرى تمنع من مودته ويجوز أيضا أن تكون الآية خرجت على ما يجري مجرى السبب وأن يكون بعض الجهال اعتقد في ذلك الوقت جواز ظهور المعجزات على يد الكفار فأكذبهم الله تعالى بذلك.. ورابعها أن يكون المراد بالآيات العلامات التي يجعلها الله تعالى في قلوب المؤمنين ليدل بها الملائكة على الفرق بين المؤمن والكافر فيفعلوا بكل واحد منهما ما يستحقه من التعظيم والاستخفاف كما تأول أهل الحق الطبع والختم الذين ورد بهما القرآن على أن المراد بهما العلامة المميزة بين الكافر والمؤمن ويكون سأصرف عنها أي أعدل بها عنهم وأخص بها المؤمنين المصدقين بآياتي وأنبيائي وهذا التأويل يشهد له أيضا قوله تعالى (ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا
(٢٢٦)