فهذي معاذير وتقدمة لكم * لئلا يكون الحرب قبل التقدم وهذا أيضا صريح في الاقرار بنبوة رسول الله (ص) كالذي قبله على ما بيناه، وقد قال في قصيدته اللامية ما يدل على ما وصفناه في إخلاصه في النصرة حيث يقول:
كذبتم وبيت الله نسلم أحمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع دونه * ونذهل عن أبنائنا والحلائل فإن تعلقوا بما يؤثر عنه من قوله لرسول الله (ص):
والله لا وصلوا إليك بجمعهم * حتى أغيب في التراب دفينا فامض ابن أخ فما عليك غضاضة * وأبشر بذاك وقر منك عيونا ودعوتني وزعمت أنك ناصح * ولقد صدقت وكنت ثم أمينا لولا المخافة أن تكون معرة * لوجدتني سمحا بذاك مبينا فقالوا: هذا الشعر يتضمن أنه لم يؤمن برسول الله (ص) ولم يسمح له بالإسلام والاتباع خوف المعرة والتسفيه فكيف يكون مؤمنا مع ذلك؟
فإنه يقال لهم: إن أبا طالب رحمه الله لم يمتنع من الإيمان برسول الله (ص) في الباطن والاقرار بحقه من طريق الديانة، وإنما امتنع من إظهار ذلك لئلا تسفهه قريش وتذهب رئاسته ويخرج منها من كان متبعا له عن طاعته وتنخرق هيبته عندهم فلا يسمع له قول ولا يمتثل له أمر، فيحول ذلك بينه وبين مراده من نصرة رسول الله (ص) ولا يتمكن من غرضه في الذب عنه فاستتر الإيمان وأظهر منه ما كان يمكنه إظهاره على وجه الاستصلاح ليصل بذلك إلى بناء الإسلام وقوام الدعوة