وأشباه ذلك مما قد تقرر في الشريعة.
وإذا كان الأمر على ما وصفناه فقد ثبت أن إطلاق لفظ نكاح المتعة لا يقع إلا على النكاح الذي ذكرناه، وإن كان الاستمتاع في أصل اللغة هو الالتذاذ كما قدمناه.
فاعترض القاضي أبو محمد بن معروف فقال: هذا الاستدلال يوجب عليك أن لا يكون الله تعالى أحل بهذه الآية غير نكاح المتعة لأنها لا تتضمن سواه، وفي الاجماع على انتظامها تحليل نكاح الدوام دليل على بطلان ما اعتمدته.
فقلت له: ليس يدخل هذا الكلام على أصل الاستدلال ولا يتضمن معتمدي ما ألزمنيه القاضي فيه وذلك أن قوله سبحانه: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين) * (1) يتضمن تحليل المناكح المخالفة للسفاح في الجملة ويدخل فيه نكاح الدوام من الحرائر والإماء ثم يختص نكاح المتعة بقوله تعالى: * (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) * ويجري ذلك مجرى قول القائل: (قد حرم الله عليك نساء بأعيانهن وأحل لك ما عداهن فإن استمتعت منهن فالحكم فيه كذا وكذا، وإن نكحت نكاح الدوام فالحكم فيه كيت وكيت). فيذكر له المحللات في الجملة، ويبين له حكم نكاح بعضهن، كما يذكرهن له، ثم يبين له أحكام نكاحهن كلهن. فما أعلمه زاد علي شيئا.