له بعهده ومبايعته فقال: " ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " فلما نزلت هذه الآية: " ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أرأيتك يا نبي الله الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم أشهيد هو؟ فأنزل الله عز وجل على رسوله " التائبون العابدون " وذكر الآية فبشر الله المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنة وقال:
التائبون من الذنوب، العابدون الذين لا يعبدون إلا الله ولا يشركون به شيئا، الحامدون الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء السائحون وهم الصائمون، الراكعون الساجدون وهم الذين يواظبون على الصلوات الخمس والحافظون لها والمحافظون عليها في ركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها، الآمرون بالمعروف بعد ذلك، والعاملون به والناهون عن المنكر والمنتهون عنه، قال فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنة ثم أخبر تبارك وتعالى أنه لم يأمر بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط فقال عز وجل: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله " وذلك أن جميع ما بين السماء والأرض لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله ولأتباعهم من المؤمنين من أهل هذه الصفة، فما كان عن الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله صلى الله عليه وآله والمولي عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم على ما أفاء الله على رسوله فهو حقهم أفاء الله عليهم ورده إليهم، وإنما كان معنى الفئ كل ما صار إلى المشركين ثم رجع مما كان غلب عليه أو فيه فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عز وجل: " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فان فاءوا فان الله غفور رحيم " أي رجعوا، ثم قال: " وإن عزموا الطلاق فان الله سميع عليم " وقال: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحديهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله " أي ترجع