الله يعينه، ويصنع له، ولا يقول عليه إلا الحق، ولا يخاف غيره.
* الشرح:
قوله (وإذا احتجت فسله) أي فسله عن حاله وعن ذات يده وعما أكله هو وعياله البارحة، إلى غير ذلك من ضرورياته فإن احتاج إلى شيء فبادر إلى قضائه.
(لا تمله خيرا ولا يمله لك) الظاهر أنه من أمليته بمعنى تركته وأخرته والإملاء: فرو گذاشتن ومهلت دادن ودراز كشيدن مدت، ولامه ياء، وأما الإملال بمعنى «ملول كردن» فبعيد والله أعلم (كن له ظهرا) أي معينا ناصرا في جميع الأمور فإنه لك ظهر وبذلك يتم نظام أموركم في الدنيا والآخرة.
(إذا غاب) بالسفر أو الأعم (فاحفظه في غيبته) في نفسه بالذكر الجميل والدعاء وترك الغيبة وزجر الغير عنها، وفي ماله وأهله برعايتهم وقضاء حاجتهم وتكفل أمورهم.
(فإن كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتى تسأل سميحته) أي جوده بالعفو عن التقصير ومساهلته بالتجاوز لئلا يستقر في قلبه فيوجب التنافر والتباغض، وفي بعض النسخ «سخيمته» بالخاء المعجمة قبل الياء أي حتى تسأل عن سبب سخيمته وهي الحقد والبغض، فإذا ظهر لك فتداركه حتى تزول السخيمة عنه فيخلص لك المودة، فإن استمر فأعذر إليه حتى يقبل منك (وإن تمحل له فاعنه) أي وإن احتال لدفع البلاء عن نفسه بحيلة نافعة فأعنه في إمضائه (وإذا قال أنت عدوي كفر أحدهما) لأن المؤمن عدو للكافر دون المؤمن، فالمخاطب إن كان مؤمنا فالقائل كافر، وإن كان كافرا فالقائل مؤمن، وأيضا هذا القول إما صادق أو كاذب وعلى التقديرين يلزم كفر أحدهما، فليتأمل.
(فإذا اتهمه انماث الايمان في قلبه) اتهمه من باب الإفعال أو الافتعال أي من أدخل التهمة على المؤمن ذاب الايمان في قلبه، والتهمة «دروغ بستن بر كسى» ثم بالغ في مواخاة المؤمن وحبه ورعاية حقوقه ورغب فيها بقوله:
(إن المؤمن ليزهر نوره لأهل السماء) أي ليزهر إيمانه أو أعماله الصالحة وأخلاقه الفاضلة أو نفسه الناطقة الكاملة أو نور إلهي يغشاه بسبب صفاء ذاته وحسن صفاته.
(وقال: إن المؤمن ولى الله يعينه ويصنع له) الولي فعيل بمعنى فاعل أي المؤمن محب الله وناصره وقائم بأمره، وفي المصباح الولي فعيل بمعنى مفعول في حق المطيع فيقال المؤمن ولي الله، والمراد بإعانته لله تعالى إعانة دينه ونصرة أوليائه والحماية لهم والذب عنهم، وبصنعه له العمل بأوامره ونواهيه وآدابه والتسليم والرضا بحكمه قاصدا بذلك وجهه تعالى.