بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك، والحق الرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته، والحق الخامس [أن] لا تشبع ويجوع ولا تروى ويظمأ ولا تلبس ويعرى، والحق السادس: أن يكون لك خادم وليس لأخيك خادم فواجب أن تبعث خادمك فيغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه، والحق السابع أن تبر قسمه وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد جنازته، وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها ولا تلجئه أن يسألكها ولكن تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك.
* الشرح:
قوله (ما حق المسلم على المسلم؟ قال له سبع حقوق واجبات ما منهن حق إلا وهو عليه واجب إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته ولم يكن لله فيه من نصيب) قال في المصباح:
الولاية بالفتح والكسر: النصرة، وينبغي أن يعلم أن المؤمن لا يخرج من أصل الايمان ولا يسلب عنه النصيب حقيقة إلا بالكفر وإن ترك الأخلاق المذكورة لا يوجب الكفر، بالإجماع والروايات، وأنها ليست بواجبة بل هي من الآداب المطلوبة المرغبة فيها، فينبغي ارتكاب التأويل وصرف الكلام عن ظاهره، فنقول: لعل المراد بالوجوب التأكد والمبالغة أو وجوب الإقرار بأن تلك الأمور من حقوق الأخوة، وبالولاية: الولاية الكاملة برعاية تلك الحقوق، وبالنصيب: النصيب الكامل الذي في خلص أولياء الله تعالى.
قوله (قلت له جعلت فداك وما هي) حتى أعلمها وأعملها (قال يا معلى إني عليك شفيق أخاف أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل) دل على أن الجاهل بها معذور في تركها إلا أن يقال ليس بمعذور ولكن عذر العالم أضعف من عذره ولومه أشد.
قوله (قال قلت له لا قوة إلا بالله) أي لا قوة لنا في أداء الحقوق أو مطلقا إلا بالله ونصرته، ولما استعان في أدائها بالله تعالى والمستعين به غير ذليل فصلها (عليه السلام) وقال:
(أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك) هذا النوع من الاتحاد يتوقف على أن يطلع عن أفق خاطرك أنوار الأسرار الإلهية وتغلق عليه أبواب الوساوس الشيطانية، فإنه إذا حصلت لك تلك المعارف وزالت عنك تلك الوساوس لاحظت قرب المؤمن من الحق ووجدت بينك وبينه اتحادا في الذات وتناسبا في الصفات حتى كأنه وأنت سواء في المعنى وكنفس واحدة، وهذا النوع من الاتحاد والتناسب والقرب يقتضى الحق المذكور (والحق الثاني أن تجتنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره) أي تجتنب ما يوجب سخطه وتتبع ما يوجب رضاه وتطيع أمره إن كان موافقا للشرع وإلا فانصحه برفق حتى يرجع (والحق الثالث أن تعينه بنفسك)