عنه ويبرء ذمته بذلك ولا يتوقف وقوعه عنه على رضاه وأمره به كما لا يتوقف أداء دين المديون على رضاه واذنه بل كما يبرء ذمته بوفائه بنفسه كذلك تبرء ذمته بابراء الدائن وبوفاء غيره عنه رضى به أم لا ولذا يكون الابراء ايقاعا لا عقدا متوقفا على قبول المديون والسر فيه ظاهر لان حبل الدين بيد الدائن وذمة المديون مشدودة به والاختيار في اسقاط الحبل وعدمه إنما هو لمن الحبل بيده ولا اختيار لمن ذمته مغفولة به فكذلك العتق الواجب وسائر ما وجب على المكلف من عبادات وغيرها ما لم يكن الامتثال مقيدا بمباشرته بنفسه واما العتق المندوب فلا يكون دينا فايقاعه عن غيره بمنزلة هبة له فكما يتوقف تحقق الهبة على قبول المتهب ورضاه بذلك ولا تتحقق قهرا وبدون قبوله فكذلك العتق المندوب لا يقع عن غيره ولا يتصل به الا بقبوله ورضاه.
والحاصل انه كما يكون العامل مختارا في ايقاع العمل عن نفسه وعن غيره ولا يكون مقهورا في أحدهما في حد نفسه فكذلك من أوقع العمل عنه مختار في قبوله ورده فلا يتصل العمل به الا بقبوله ورضاه والامر بالعتق عنه بعد موته رضى بذلك وقبول له فيتصل به العمل حينئذ ويلزمه حكمه عن ثبوت الولاء له ولورثته واما مع عدم امره به فلا يتصل العمل به ولا يكون العتق عنه الا اهداءا لثوابه إليه فيرجع الولاء حينئذ إلى نفس العامل وهو المعتق.
وهكذا الامر في سائر الأعمال الغير الواجبة مندوبة أو مباحة فلا تقع عن غير العامل الا بأمره ورضاه.
وقد تبين مما بيناه انه لا فرق في وقوع العتق الواجب عمن نوى عنه المعتق بين أن يكون المعتق وارثا للمعتق عنه أم لا وبين أن يكون المعتق عنه حيا أم ميتا كما أنه لا فرق بينهما في عدم وقوع العتق المندوب عمن نوى عنه الا بأمره فما حكى عن الشيخ قده في الخلاف من أنه لو تبرع بالعتق عنه نفذ العتق