منزه عن أن يكون جوهرا أو عرضا وبتجهيزه الجواهر عرف ان لا جوهر له وبتشعيره المشاعر عرف ان لا مشعر له وهو مذوت الذوات ومحقق الحقائق فهو ارفع واجل من أن يكون له حقيقة وذات.
وما ذكره بعض من أنه تعالى لم يجعل المشمشة مشمشة بل أوجدها ان أريد به ان المشمشة وسائر الحقائق أعيان ثابتة تظهر بالوجود في الخارج فهو غلط فاحش ضرورة ان الحقائق والماهيات حدود للوجود وتعينات له ولا يتصور ثبوتها قبل الوجود كما لا يتصور تحقق الوجود المحدود من دون حدوده وتعيناته بداهة ان الشئ ما لم يتشخص لم يوجد كما أن انه ما لم يوجد لم يتشخص فهو تعالى ممشمش المشمشة مشمشة وان أريد به ان الحقائق والذوات لم تجعل بجعل تأليفي بل مجعولة بجعل بسيط فهو في محله.
وكيف كان فقد تبين مما بيناه ان القياس المعروف مثبت لحدوث العالم ومبين لأساس التوحيد كله فهو مأخوذ من كلمات أهل بيت النبوة وامناء الوحي ومعادن التنزيل سلام الله عليهم أجمعين.
ولا بأس ان نذيل الكلام بنقل مناظرة وقعت بين بعض الطبيعيين وبعض علماء الاسلام وملخص كلام الطبيعي انه قد استقر رأينا على أن للعالم أصلين قديمين الذرات وحركاتها وان أول موجود برز إلى الوجود بواسطة الحركات الموجبة لاجتماع الذرات وتركبها كرة الشمس ثم تحركت الكرة بحركات كثيرة حتى انفصل منها شبه الزبد المنفصل من الحديد المحماة في الكورة وهو كرة الأرض فحدث فيها أنواع المعادن وبذور النباتات ومواد الحيوانات بواسطة حرارتها إلى أن قال والانسان احدث الحيوانات إذ لم نجد له مادة في الطبقات السافلة ونظن انه بالانتخاب الطبيعي مأخوذ من القردة وعين في كل دور مبدء الحركات ومنتهاها بمدة طويلة.
وقد أبطل العالم المناظر رأيه السخيف بوجهين.