العالم من وجوه أربعة دلالة انية كما يدل على حدوثه من واجب غنى بالذات لا يتطرق فيه باقسامه وأنحائه ضرورة ان ما بالغير لابد ان ينتهى إلى ما بالذات ولا حاجة لنا في اثبات الصانع إلى ابطال الدور والتسلسل فهو تعالى شأنه اجل من أن يحيط به الأوهام وأن يكون له حد محدود ونعت موجود فصفاته تعالى ليست كصفات المخلوقين مغايرة للموصوف زائدة على الذات بل عين الذات لا بمعنى العينية الخارجية المجامعة للمغايرة التحليلية والا عاد المحذور من تطرق التغيير الملازم للحدوث وعدم القدم بل بمعنى نفى الصفات عنه تعالى كما هو منصوص كلمات أهل العصمة سلام الله عليهم أجمعين فاثبات صفات الكمال له تعالى من العلم والقدرة والحياة كناية عن سلب نقائضها وترتب غاياتها من انكشاف الأشياء عليه وتمكينها من ارادته تعالى من دون وساطة صفة قائمة بالذات فهو جل شانه عالم قبل العلم بغير علم وقادر قبل القدرة بغير قدرة ولعله إلى هذا يشير قول بعضهم: " خذ الغايات واترك المبادئ ".
ومنه ظهر ان صفاته تعالى لا تكون متغايرة متفاوتة والا لزم التغير في الذات الذي هو آية الحدوث فعلمه تعالى عين قدرته وقدرته عين حياته وحياته عين سمعه وسمعه عين بصره. مرجعه إلى نفى الصفات عنه تعالى واثبات الكمال له بذاته فلا يوجب نفى الصفات عنه تعالى التعطيل في الذات كما زعمه بعض من لا بضاعة له بل نفى الصفات عنه تعالى بالمعنى الذي بيناه تنزيه عن أن يكون ناقصا بذاته مستكملا بصفاته.
وبما بيناه تبين ان وحدته تعالى لا تكون من قبيل الوحدة الجنسية والنوعية والشخصية والا لزم التغير الملازم للحدوث وعدم القدم بل بمعنى آخر وهو تفرده تعالى عن الأشباه والنظائر فهو تعالى واحد لا بتأويل عدد وبالجملة كلما يوجد في الخلق من الجوهر والاعراض لا يوجد في خالقه والا عاد الخالق مخلوقا والصانع مصنوعا وهو تعالى خالق الجواهر والاعراض وهو